اسباب عدم التسامح

وسنتعرف على أسباب التعصب بالتفصيل في هذا الموضوع، كما سنتعرف على أضرار التعصب.

مفهوم التسامح

يعتبر مفهوم التسامح من المفاهيم المثيرة للجدل. ولعل من أسباب ذلك أنه لا يعمل على رفع مستوى المبادئ أو الأخلاق الفعلية، أسوة بما يحدث في المفاهيم الأخرى (المتمثلة في الاحترام والمحبة والمعاملة بالمثل). ويعتقد النقاد الليبراليون أنه من غير المناسب اعتبار السلوكيات أو العادات التي نظهر التسامح فيها شذوذاً أو انحرافات عن الأعراف السائدة، أو أن يكون للسلطات الحق في فرض العقوبة على ذلك. والأفضل من وجهة نظر هؤلاء النقاد هو التأكيد على بعض المفاهيم الأخرى مثل الكياسة أو التعددية أو الاحترام. بينما يرى نقاد آخرون أن التسامح بمعناه المحدود أكثر فائدة. حيث أنها لا تحتاج إلى أي تعبير كاذب يسمح بالتعصب ضد مجموعات أو ممارسات وأفعال رفضها المجتمع أصلاً.

أسباب عدم التسامح

هناك ثلاثة أسباب رئيسية تدفع الإنسان إلى الامتناع عن المسامحة. ومن خلال هذه الأسباب يشعر الإنسان بأنه غير قادر على المسامحة، حتى لو كان المسيء عزيزاً عليه. ومن هذه الأسباب:
– أن المجتمع، أي مجتمع، لا يقدر الحرية كقيمة إنسانية، يوفر آفاقا أوسع للتعبير الحر عن أفكار الإنسان دون أن يتوقع أن يحدث له أي ضرر من أي نوع. ولذلك فإن غياب التسامح يرتبط بوجود فكر مسيطر على الناس، بحيث يقودهم بشكل قهري إلى فكرته المسيطرة، التي تعتبر بقية الأفكار المختلفة غريبة عن المجتمع.
– اليقين في احتكار الحق: وهذا فتنة معاصرة يمارسها بعض المنتسبين إلى العلماء، وكذلك العوام الذين تعلموه منهم. ويكفي للتدليل على مدى خطورة هذه الآفة في جسد فضيلة التسامح، أن أشير إلى ما يحدث الآن من تحريض مستمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضد بعض الطوائف والتيارات. وقد وصل هذا التحريض، كما حدث مؤخراً من قبل بعض السعوديين، إلى ذروته عندما طالب محسوبون على بعض المؤسسات الدينية… بفرض أشد العقوبات على من يختلف معهم.
– انتشار الجهل الذي هو عكس المعرفة: يرتبط التسامح كقيمة بمستوى التعلم والمعرفة الذي يمكن الفرد من أن يكون مطلعاً وقادراً على المقارنة بين الآراء المختلفة واتخاذ موقف عقلاني تجاه هذه القضية أو تلك.

التعصب وصنع الأعداء

الإنسان كائن اجتماعي يحتاج إلى أن يكون محاطًا بالأصدقاء المحبين والمخلصين، وليس محاطًا بأعداء حاقدين وبغيضين، لكن ذلك لا يمنعنا كبشر من أن نختلف أيضًا في قدراتنا في هذا الصدد. البعض منا قادر على تكوين صداقات أينما ذهب، والبعض منا، من ناحية أخرى، لا يستطيع ذلك. في أي مكان دون أن يخلق له عدواً أو أكثر. وحتى على مستوى الشعوب، هناك شعوب معروفة بأنها اجتماعية وودودة، وهناك شعوب أخرى منغلقة على نفسها، تكره الغرباء، تتحسس منهم، وتنظر إليهم بعين الدونية والازدراء. وأذكر في هذا الصدد أن بعض الدول الغربية عرفت بانغلاق شعوبها وعدم حبها للأجانب ورفض التحدث معهم بلغة غير لغتهم، إلا أنهم تغيروا وأصبحوا أكثر مرحا وتقبلا للآخرين وثقافاتهم وثقافاتهم. تعلم لغاتهم. صحيح أن المصالح السياحية قد تكون أحد أسباب هذا التغيير، لكن المهم أن يكون هناك تحسن ومزيد من التسامح وعدم معاداة الآخرين.
لا شك أن تكوين الصداقات ليس مجرد مهارة مرغوبة، بل هو ثروة ورأس مال ثمين نحتاجه في الرخاء ونعرف قيمته في المحن والأزمات. وبما أننا بلاد الحرمين الشريفين، فمن واجبنا أن نكون من أكثر شعوب الأرض تسامحاً وانفتاحاً، وأكثرهم قدرة على تكوين الأصدقاء، وليس الأعداء.
إن الانفعال والتسامح لم يكن قط علامة ضعف، بل كان علامة قوة، بينما الاستبداد والتنمر والتعالي علامات العجز والضعف والنقص.

التعصب يضعف المناعة

إن التسامح هو أحد المبادئ الإنسانية التي دعت إليها جميع الأديان السماوية. ولا يقتصر دور التسامح على توفير الشعور بالرضا والراحة فحسب، بل له تأثير إيجابي على صحة الإنسان وتقوية جهازه المناعي، حيث أثبتت الدراسات أن القلق والانفعالات العصبية تزيد من خطر الإصابة بالأمراض المختلفة. .
تقول الدكتورة عبير أحمد ناصف ماجستير العلوم النفسية والسلوكية: “التسامح ليس كلمة سهلة على الإطلاق، ولكنه من أصعب الأمور التي يمكن أن يفعلها الإنسان. والتسامح بمعناه البسيط هو أن يسامح المرء عند القدرة، وعدم رد الإساءة بالإساءة، وقبول اعتذاره»، لافتاً إلى أن التسامح قد يقلل من إحدى المشكلات التي قد تحدث بسبب ما يقصده البعض وما يقصده البعض الآخر. افهم، فحاول دائمًا أن تختلق الأعذار للآخرين، أو بتعبير أدق: أحسن الظن، فربما يحملون في أنفسهم ما لا تعرفه ولا تستطيع البوح به.
وتتابع: “الشخص المتسامح هو الشخص الذي يتمتع بقدرة عالية على ابتلاع أخطاء الآخرين ومسامحتهم، لكن هذا لا يعني أن نتنازل عن حقوقنا أو نسامحهم، بل على العكس تماما”.
فحاول أن تلتزم بحقوقك مع الحفاظ على مبدأ التسامح، وخاصة الحقوق التي تتعلق بالآخرين، كأطفالك مثلا، ولا تهملهم لأنك ستتعجب منهم يوم القيامة. لكن في المقابل، لا مانع من تقديم بعض التنازلات التي تتطلبها ظروف الحياة منا لكي تستمر الحياة دون مشاكل، على أن تكون هذه الأمور تخصك أنت وحدك. إنها لا تنتمي إلى الآخرين.”
وتشير إلى أن الدين الإسلامي وجميع الأديان السماوية كلها تحث على التسامح، وهذا ليس عبثا، ولكن لأهميته الكبيرة في حياتنا ونفوسنا. أكدت الأبحاث والدراسات أن هناك علاقة قوية بين التسامح وصحة الإنسان.

نتيجة التعصب

كلما شعرنا أننا عوملنا بطريقة غير عادلة، أو أن شخصًا آخر عومل بالمثل، دون سبب وجيه، فإننا نعتبر ذلك هجومًا شخصيًا يهدد احترامنا لذاتنا، وبالتالي نتفاعل بالغضب والاستياء. هذه مرحلة طبيعية من التطور خلال نمونا والتي يجب أن نمر بها وننتقل إليها. مرحلة أخرى من البلوغ والنضج.
-ومع ذلك فإن بعض الأشخاص يظلون ثابتين في هذه المرحلة ولا ينضجون أبدًا إلى مراحل متقدمة. وإذا لم نتعلم أهمية أن نضع مآسينا كأطفال جانبا، فسوف ننتقل إلى مرحلة النضج، حاملين قدرا هائلا من التجارب التي لم يمحها التسامح.
-إذا لم نكن حذرين، فسنبني حياتنا حول غضبنا من الأشخاص الذين نشعر أنهم مسؤولون عن شيء فعلوه ولا نتفق معهم.
– يقضي العديد من الأطباء النفسيين والمحللين النفسيين حياتهم المهنية بأكملها في مساعدة الأشخاص على مواجهة تجارب الماضي والحاضر التعيسة، وكيفية التعامل معها والتغلب عليها.
– إن أقوى قرار يمكننا اتخاذه، والذي سيحررنا من أفكارنا السلبية، هو أن نسامح أي شخص قد ألحق بنا الأذى بأي شكل من الأشكال. وذلك بتحرير الآخر من عقولنا بالتسامح والتسامح. عندها سنكون قادرين على تحرير أنفسنا من القيود. الغضب والكراهية والكراهية والانتقام.
-ولهذا السبب تحرص جميع الأديان والمواثيق والاتفاقيات الدولية على ضرورة التسامح كخطوة أولى نحو تحقيق سلام النفوس وبركات الدنيا والسلام لجميع الناس. كل الحروب عبر التاريخ كانت نتيجة أخطاء ارتكبها أناس لم يتمكنوا من امتلاك فضيلة التسامح، فدفعها كثير من الناس نتيجة حقدهم وبغضهم.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً