ونتحدث عن استخدامات نبات البردي في هذا المقال. كما نذكر لكم فقرات متنوعة أخرى مميزة، مثل تاريخ انتشار أوراق البردي، وإعداد ورق البردي لاستخدامه في الكتابة، ثم الخاتمة: العرب والبردي. تابع السطور التالية.
استخدامات نبات البردي
نبات البردي نبات مائي قوي طويل القامة عديم الأوراق يصل طوله إلى 4-5 أمتار (13-16) قدم. ويمكن العثور على نبات البردي على ضفاف المستنقعات والبحيرات التي تكونت نتيجة الفيضانات، بالإضافة إلى الغابات الاستوائية المطيرة. يتحمل نبات البردي درجات حرارة تتراوح بين (20-30) درجة مئوية و(68-86) درجة فهرنهايت. الرقم الهيدروجيني (0.6-5.8). تنمو زهور البردي في أواخر الصيف عندما تتعرض لأشعة الشمس المباشرة. نبات البردي حساس للصقيع مثل معظم النباتات الاستوائية، وقد غزت هذه النباتات ولاية فلوريدا في مصر. وقام المصريون بزراعته بكثرة لاستخدامه في العديد من الصناعات المختلفة، منها:
– صناعة القوارب الصغيرة الخفيفة لعبور نهر النيل.
– صناعة الحبال.
– صناعة الحصيرة .
– صناعة السلسلة.
– صناعة الأكواخ الصغيرة .
تاريخ انتشار البردي
انتشرت الكتابة قبل انتشار الورق. وفي عصور ما قبل التاريخ استخدمت الحجارة والصخور لغرض الكتابة عن طريق نقشها بأداة حادة. كما تم العثور على حجارة وكهوف منقوشة برسومات وكتابات تعود إلى عصور ما قبل التاريخ البعيدة. وتطورت الأدوات التي استخدمها في الكتابة فيما بعد إلى ألواح طينية وجلود للماشية.
– ولكن بعد أن اكتشف المصريون القدماء قصب البردي، بدأوا في استخدامه في صناعة الورق الذي استبدلوا به الصخور والفخار الثقيل. وساعد ذلك على انتشار الكتابة بشكل أكبر، إذ لم تعد هناك أي تكلفة أو جهد في عملية الكتابة كما هي على الصخور والأحجار. أقدم الوثائق التي تم العثور عليها كانت مصنوعة من ورق البردي/الفافير، وترجع إلى العصور القديمة خلال عصر الأسرة الخامسة أو السادسة للفراعنة، وآخر ما تم العثور عليه كان في الدولة الإخشيدية عام 323 هجرية.
وظلت أراضي قدماء المصريين محتكرة لصناعة الورق -عن طريق قصب البردي- حتى عصر البطالمة، وهي أسرة مقدونية جاءت إلى مصر بعد رحيل الإسكندر الأكبر عام 323 ق.م. وحكم بطليموس الأول مصر بعد ذلك، وظل العصر البطلمي حتى نهاية عام 30 ق.م. م.
وكان الفينيقيون يصدرون ورق البردي عبر البحر الأبيض المتوسط إلى بقية دول العالم مثل الإمبراطورية الرومانية التي زرعت نباته في ذلك الوقت، فبدأ الفراعنة بتصديره إليهم. وتم تصديرها بشكل خاص إلى دول اليونان واليونان، حيث كانت لها علاقة وثيقة بمصر الفرعونية القديمة.
كما عرف المسلمون هذه الأوراق واستخدموا أنواعًا مختلفة منها، والتي اقتصرت أثمنها على المجموعات التي قدمها الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لأن الكتابة على هذه الورقة لا يمكن محوها إلا بواسطة تمزيقها. ولكن بعد ذلك أمر سيدنا عمر بتقييدها. استخدام الورق بسبب ارتفاع سعره.
– بدأ ورق البردي في الانتشار عند قدماء المصريين في فلسطين وصقلية ودول البحر الأبيض المتوسط وبعض دول أوروبا وآسيا، حتى جاء الصينيون وعرفوا صناعة الورق من الأشجار. فأخذوا لحاءها وصنعوا منه الورق، وتطور الأمر حتى استخدموا الجيلاتين والغراء في الأوراق لتثبيت الحبر عليها، وبذلك كانت لهم الريادة في صناعة الورق، حتى بدأت صناعة البردي تتراجع شيئاً فشيئاً عند نهاية القرن العاشر.
وانتشرت صناعة الورق فيما بعد إلى كوريا واليابان، ومن ثم عرفها العالم الإسلامي. واستوطنت أولى مصانع الورق العربية في بلاد بغداد وسمرقند، بناها الفضل بن يحيى سنة 178هـ. وكان تصنيع الورق الصيني أسهل وأقل تكلفة، ولذلك أمر هارون الرشيد بوقف صناعة واستخدام ورق البردي، وكذلك ورق الجلد الذي كان شائع الاستخدام بين العرب، واستبدال الورق الصيني به. ولذلك كان العرب متقدمين على الأوروبيين في صناعة الورق.
وأصبحت هذه الصناعة بوابة تعلم حرفة صناعة الورق، إذ مارس هذه الحرفة كثير من العرب، وأصبح صانعو الورق بمثابة ناشري الكتب، إذ كانوا يستخدمون حرفتهم في طباعة الكتب وبيعها.
وقد أتقن العرب والمسلمون بعد ذلك هذه المهنة إلى حد كبير، حتى أن علماء بارزين مثل الجاحظ وأبو حيان عملوا بها، ووصلت براعتهم إلى أن أبو حيان اخترع الورق المضاد للاحتراق، كما ذكرت بعض الروايات. .
الإنسان كاتب بطبيعته. ولا يرضى إلا إذا نقش أثراً، أو ترك رسماً يعبر عن الصراع أو السلام الذي يدور في ذهنه. وتحقيقًا لهذه الغاية، نجد رجل الكهف مثلًا يتغلب على تعثره -رغم المشقة- بأن ينقش أحاديثه الخاصة على الحجارة الجامدة، فيزحفون فيها. حياة. إن المشقة هي التي أدت إلى تطوير وسيلة للكتابة يمكن للجميع الوصول إليها. وكان لدينا أوراق البردي التي قدمها لنا المصريون القدماء، وأصبحت البذرة الأولى في أرض الكتابة.
إعداد ورق البردي لاستخدامه في الكتابة
بعد أن تتم معالجة ورق البردي عن طريق إزالة الطبقات الليفية الموجودة داخل جذع النبات، وتقطيع القصب بشكل طولي إلى شرائح رفيعة، ووضع القطع بجانب بعضها البعض، ثم عبورها بزوايا قائمة مع مجموعة أخرى من الشرائط بحيث تتشكل الطبقتان تشكل ورقة، ويتم ضغطها معًا، وترطيبها وتجفيفها لتكوين سطح أملس للكتابة عليه، وتحويلها إلى أوراق، عادة على شكل لفات، تستخدم كمواد للكتابة. وكان الورق المنتج أبيض، أملس، خالي من البقع أو العيوب.
في أغلب الأحيان، كان الكاتب يكتب على ورقة واحدة فقط، ثم يلفها أو يطويها. في البداية كانت الوثائق الطويلة تكتب على الورق باستخدام أعمدة ضيقة جداً، وتطورت الكتابة عليها حتى أصبحت تستخدم على شكل مخطوطة.
العرب والبردي
وقد عرفت البردية عند فتح مصر، وقيل إن كتاب القائد العربي عمرو بن العاص للخليفة الراشد عمر بن الخطاب كتب على ورق البردي سنة 20 هجرية. كان الخلفاء الأمويون يكتبون على ورق البردي، واختفى استخدام ورق البردي في عصر الدولة العباسية، حيث استخدم الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور الرق بدلا من ورق البردي، حيث كان يعتقد أن البردي قد توقف مع الزمن، ولكن واستمر العرب في الكتابة على ورق البردي رغم ظهور الورق العادي مع الزمن حتى منتصف القرن العاشر الميلادي، واستخدمت الدولة الإسلامية الغربية في مصر ورق البردي لكتابة الوارد الصحف.