وفي هذا الموضوع سنتعرف على عبادة الدعاء وما هي أهم أركانها لتحقيقها بشكل صحيح من خلال أفضل عبادة الدعاء.
صلوات
والدعاء في الإسلام عبادة مبنية على سؤال العبد ربه والطلب منه. وهي من أفضل العبادات التي يحبها الله خالصة له، ولا يجوز للعبد أن يصرفها إلى غيره.
شروط وآداب الدعاء وأسباب الإجابة
-الإخلاص لله تعالى
– يبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويختم بذلك.
– العزيمة في الدعاء واليقين بالإجابة.
– المداومة على الدعاء وعدم التعجل.
– حضور القلب في الصلاة .
– الدعاء في الرخاء والشدة.
– لا يُسأل إلا الله وحده.
-لا تدعوا على الأهل والمال والأولاد والنفس.
– خفض الصوت في الدعاء بين الخوف والجهر.
– الاعتراف بالذنب، والاستغفار منه، والاعتراف بالنعمة، وشكر الله عليها.
– تحري أوقات الإجابة والمبادرة للاستفادة من الظروف والأماكن التي تكون من إمكانيات إجابة الدعاء.
-لا تتردد في السجود في الدعاء.
-الدعاء والخشوع والرغبة والرهبة.
-كثرة الحسنات سبب كبير لإجابة الدعاء.
-رد المظالم بالتوبة.
-الصلاة ثلاث مرات.
-اتجاه القبلة.
-رفع اليدين في الدعاء.
-الوضوء قبل الدعاء إن أمكن.
– عدم التشدد في الدعاء.
-يجب على الداعي أن يبدأ بنفسه إذا دعا لغيره.
– الدعاء إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أو بعمل صالح من الداعي نفسه، أو بدعاء له من الصالحين.
-التقرب إلى الله بكثرة صلاة التطوع بعد الفرائض، وهذا من أعظم أسباب إجابة الدعاء.
– أن يكون الطعام والشراب والملابس حلالاً.
-لا يدعو إلى إثم أو قطيعة رحم.
– أن يدعو لإخوانه المؤمنين، ويحسن له أن يخص الدعاء بالوالدين والعلماء والصالحين والعباد، ويخص الدعاء لمن صلاحه صلاح المسلمين من أولياء الأمور وغيرهم. والدعاء للمستضعفين والمستضعفين من المسلمين.
– أن نسأل الله كل كبيرة وصغيرة.
– الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
– الابتعاد عن جميع الذنوب.
الدعاء هو أعظم العبادة
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الدعاء هو العبادة». ثم قرأ: “وقال ربكم ادعوني استجب لكم”. [غافر: 60].
وفي رواية للترمذي من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الدعاء رأس العبادة. “
ولا شك أن الدعاء من أعظم العبادات. بل جاء في الحديث – كما هو بين أيدينا -: «الدعاء عين العبادة»، وفي رواية: «الدعاء هو العبادة».
ومن الناس من ينكر الدعاء؛ قال: لأن المطلوب بالدعاء معلوم وقوعه، أو إذا كان مقصوداً به الدهر، أو كان بحسب الحكمة والمصلحة فإنه سيحدث لا محالة، وإلا فلا فائدة فيه. كما أنه نوع من سوء الأدب وعدم الرضا بالقضاء، وقد يطلب ما لا ينفعه. وفيه من الاشتغال بغير الله وعدم الثقة به ما لا يخفى.
ويقول الإمام النيسابوري رداً عليهم: [والحق أن الدعاء نوع من أنواع العبادة ورفضه يستدعي رفض كثير من الوسائل والوسائط والروابط، ولو لم يكن فيه إلّا معرفة ذلة العبودية وعزة الربوبية لكفى بذلك فائدة، ولهذا روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ مِنْ الدُّعَاءِ»] أوه.
يقول القاضي البيضاوي في تعليقه على الحديث: [لما حكم بأنَّ الدَّعاء هو العبادة الحقيقيَّة التي تستأهل أن تسمَّى عبادة من حيث إنه يدُل على أنَّ فاعله مقبل بوجهه إلى الله تعالى مُعرضٌ عمَّن سِواه لا يرجُو ولا يخاف إلاَّ منه استدل عليه بالآية، فإنها تدُل على أنه أمر مأمُور به إذا أتى به المكلف قُبل منه لا محالة وترتب عليه المقصود، ترتب الجزاء على الشرط، والمسبَّب على السبب، وما كان كذلك كان أتم العبادات وأكملها] أوه.
وهنا يأتي السؤال: أيهما أفضل، الدعاء أم التسليم والتفويض؟
وسنجد أن هناك مجموعتين:
– فريق الدعاء للوفد.
– فريق يعطي سلطة الدعاء.
ولكل وجهة هو مسؤول عنها بناء على مبادئ يتتبعها.
ولكننا ننقل هنا أدلة كل فريق وما دار بينهم من حوار ونقاش للترجيح بين المذهبين إذا صح اعتبار كل واحد منهما مذهبا.
– ومن رأى أن الدعاء أفضل استدل بالآية. وهو قوله تعالى: “وقال ربكم ادعوني استجب لكم”. [غافر: 60].
– وقد رد عليه أحدهم بأن التفويض أفضل: أن المراد بالدعاء في الآية العبادة. قالوا: والدليل على ذلك في آخر الآية. وهو قوله تعالى: “إن الذين يستكبرون عن عبادتي” [غافر: 60]واستدلوا أيضاً بالحديث الموجود في أن الدعاء هو العبادة.
الجمهور، أي الذين قالوا بأن الدعاء أفضل من البعثة، أجابوا بأن الدعاء من أعظم العبادات، كما في الحديث الآخر: «الحج عرفة» أي: أهم أجزاء الحج. وركنها الأعظم، ويؤيده حديث «الدعاء أساس العبادة». وقد وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحث على الدعاء. وتشجيعه.
قال الشيخ تقي الدين السبكي: [الأوْلَى: حملُ الدعاء في الآية على ظاهره، وأما قوله بعد ذلك عن عبادتي فوجه الربط أن الدعاء أخص من العبادة فمن استكبر عن العبادة استكبر عن الدعاء؛ وعلى هذا فالوعيد إنما هو في حق من ترك الدعاء استكباراً، ومن فعل ذلك- كفرًا، وأما من تركه لمقصد من المقاصد فلا يتوجه إليه الوعيد المذكور، وإن كنا نرى أن ملازمة الدعاء والاستكثار أرجح من الترك لكثرة الأدلة الواردة في الحث عليه] أوه.
شرح الحديث: الدعاء هو العبادة
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدعاء هو العبادة))، ثم قرأ: وقال ربك: ” ادعوني استجب لكم . إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) [غافر: 60]; رواه أحمد.
الفوائد المتعلقة بهذا الحديث:
الفائدة الأولى: أن للدعاء مكانة عظيمة. وهي من أعظم وأشرف العبادات المحبوبة عند الله عز وجل، وتدل على ذل العبودية لله عز وجل والافتقار إليه، وتنفي الكبر في عبادته.
-الفائدة الثانية: أن للدعاء في رمضان صفة عظيمة؛ حيث اجتمعت فضيلتان: هما: فضل الوقت، وحال الصيام، وقد ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم)). رواه أحمد.
الفائدة الثالثة: من آداب الدعاء ما يلي:
أولاً: لا بد من إخلاص الدعاء لله وحده لا شريك له، وأن يكون القلب حاضراً في الدعاء.
ثانياً: يجب حسن العمل في المطعم، وذلك بكسب الحلال، واجتناب الكسب الحرام.
ثالثاً: يستحب أن يبدأ الدعاء بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم.
الرابع: مشروعية الدعاء إلى الله تعالى بصفاته الجميلة. مثل: برحمتك أستغيث، أو بكرمك أستعين، أو بالأعمال الصالحة التي أخلصها الإنسان لله تعالى فيها؛ مثال: أسألك بصلاتي لماذا وفقتني؟
خامساً: يستحب أن يكون طاهراً ومستقبل القبلة في الدعاء.
السادس: أنه يستحب اغتنام الوقت للإجابة عنه والتحقيق فيه. كالثلث الأخير من الليل، وآخر ساعة بعد العصر من يوم الجمعة، والاستفادة من الظروف التي يُستجاب فيها الدعاء؛ مثل: عند السجود، والصيام، والسفر.
سابعا: يستحب رفع اليدين في الدعاء.
ثامناً: يستحب تكرار الدعاء والإلحاح عليه، وذلك بتكراره ثلاث مرات إذا دعا، وتكراره مراراً وتكراراً.
التاسع: اجتناب الدعاء المحرم؛ كالدعاء على الإثم، والدعاء لقطيعة الرحم.