التاريخ الحديث والمعاصر للوطن العربي

تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر. ومن خلال هذا المقال المميز سنعرض تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر وكل ما تريد معرفته عن العالم العربي الحديث.
ويؤرخ الدكتور علي المحجوبي محطات مهمة في تاريخ بعض الدول العربية في العصر الحديث في المغرب العربي والشام، واجهت ازدواجية الاستعمار والمقاومة، وساهمت – إلى حد كبير – في بناء التاريخ التاريخي مساحة الهوية الجماعية، خاصة وأن عودة الاستعمار تطرح من جديد أسئلة محيرة لدول عصر العولمة. التي أصبحت مستقلة سياسياً منذ عدة عقود، وبدا أن استقلالها كان شكلياً وجزئياً ونسبياً، وأنها أنتجت نخباً سياسية همها الوحيد الحفاظ على السلطة. فمن أجل مكاسبها ومناصبها ومزاياها، لجأت إلى طاحونة الاستبداد السياسي، ولم تحقق حتى الشعارات التي رفعتها بشأن التحرر من التبعية والتنمية البشرية وتحسين الظروف المعيشية لمواطنيها الذين لم يشعروا بأنهم كذلك. كانوا مواطنين حقيقيين بقدر ما كانوا رعايا في الدول شبه السلطنة.

التخلف والاستعمار

ينطلق المؤلف من اعتبار أن تاريخ العالم العربي الحديث كان مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بتاريخ أوروبا الغربية ثم الولايات المتحدة الأمريكية، حيث لعبت العوامل الخارجية دوراً كبيراً في العملية الحديثة للمجتمعات العربية، ومصير المجتمعات العربية الحديثة. لقد تقرر العرب في عواصم القوى العظمى وفق ما تقتضيه مصالحهم، منذ اختلال ميزان القوى بين الغرب والشرق، والذي بدأ مع النهضة الأوروبية في القرن السادس عشر، وتفاقم في القرنين التاسع عشر والعشرين التاليين. الثورة الصناعية في أوروبا الغربية و ثم الولايات المتحدة الأمريكية.
وبناء على ما سبق، فإن الوطن العربي شهد، في العصر الحديث والمعاصر، تطورا دوريا يكمن في تعاقب التخلف والاستعمار والمقاومة، وظل يتخبط في هذا على مدى حقبة تمتد نحو خمسة قرون. حلقة مفرغة.
وفي المقابل تقدم الغرب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وظل العالم العربي متخلفاً في كل هذه المجالات، وبالتالي غير قادر، رغم بعض المحاولات، على النهوض بمجتمعاته وانتشالها من حالة الضعف والذل. وبالتالي أصبحت عرضة للاستعمار، ووقعت تدريجياً تحت سيطرة القوى الغربية. إلا أن الشعوب العربية رفضت الاحتلال الأجنبي وعملت على مواجهته ومقاومته دفاعا عن الحرية والكرامة والأرض.
ويعزو المؤلف احتلال بلدان المغرب العربي، كالجزائر والمغرب وتونس وليبيا، إلى حاجة الدول الكبرى، خاصة بريطانيا العظمى وفرنسا، إلى أسواق تتخلص من سلعها المصنعة المتراكمة، وإلى مناطق للاستثمار. أموالهما الفائضة، بسبب الأزمة الاقتصادية التي واجهتها هاتان الدولتان، والتي كانت بسبب ضيق السوق الداخلي وإغلاق… الأسواق الأوروبية. ولذلك كان لا بد من إيجاد حل لها، وإنقاذ اقتصادها من الإفلاس، والبحث عن أسواق جديدة، وهو ما وجدته في احتلال الجزائر، ثم تونس، ومصر، والمغرب الأقصى.
ويرى المؤلف أن تخلف الدول العربية وسوء أحوالها جعلها عرضة للاستعمار، ووفر لها الظروف الملائمة لاحتلالها وهيمنة القوى الأجنبية عليها. لكنه يرى أيضًا أن تدهور الوضع في الدولة العثمانية جعلها غير قادرة على النهوض باقتصادها ومجتمعها على غرار القوى الغربية، فأصبحت توصف في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بالرجل المريض، و أتاحت فرصة لأطماع الغرب في ولاياته العربية، إذ استغلت إيطاليا هذه الظروف لتحتل ليبيا عام 1911. ثم قبل الحرب العالمية الأولى، كان الشرق الأوسط مقسما بين القوى الأوروبية الكبرى، وذهبت سوريا ولبنان إلى فرنسا. ، العراق، و فلسطين. بالنسبة لبريطانيا العظمى، لأن هذه المنطقة لها أهمية استراتيجية كبيرة.
وتزايد اهتمام الدول الكبرى بها مع اكتشاف النفط وتطور إنتاجه، فأصبحت بذلك ذات أهمية اقتصادية لبلاد الشام العربية، إضافة إلى أهميتها الاستراتيجية.
شهدت البلاد العربية المحتلة حركات مقاومة مسلحة في ظروف تفاقم التناقضات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين القوى الاستعمارية والشعوب العربية، وتغير الأوضاع الدولية مع الحرب العالمية الثانية، ونمو الوعي الوطني، وعقم الحوار السلمي. وسائل النضال السياسي.
حصلت مصر والعراق على استقلالهما، نظريا على الأقل، على التوالي في عامي 1922 و1932، ثم لبنان وسوريا في عامي 1943 و1946، ثم ليبيا في عام 1951، ثم تونس والمغرب الأقصى في عام 1956، وأخيرا الجزائر في عام 1962. وبقيت فلسطين تحت نير الاستعمار، حيث حل الاستعمار الصهيوني منذ عام 1948 محل الانتداب البريطاني والشعب الفلسطيني الذي ناضل. منذ بداية القرن العشرين شهد عدة معارك ضد الانتداب البريطاني والاستيطان اليهودي ومقاومة الاستعمار الصهيوني.
ويخلص المؤلف إلى أن تاريخ العالم العربي الحديث والمعاصر هو صراع مستمر بين القوى الإمبريالية، التي تعمل باستمرار على الهيمنة على العالم العربي، وترفض الشعوب العربية الخضوع لها وبالتالي تصر على مقاومتها.
وهو يستند إلى مقولة للمؤرخ البلجيكي هنري بيران الذي يعتبر أن التاريخ امتداد وتضامن، وأن دراسة الماضي تمكننا من بلورة الحاضر لاستشراف المستقبل، وذلك لتحديد هدف كتابه في الفهم. ما يجري في الوطن العربي ومعرفة كيف وصل إلى ما هو عليه اليوم والذي لا يزال يتسم بالتخلف وعودة الاحتلال الأجنبي والاستعمار المباشر كما هو الحال في فلسطين والعراق، وذلك من أجل معالجة الظروف المؤلمة من أجل الخروج من التخلف والتحرر من الهيمنة الأجنبية وبناء مستقبل أفضل.
والأمل هو أن استحضار حقب مظلمة ومشرقة من التاريخ العربي الحديث والمعاصر وتقديم صور حية لنضالات الشعوب العربية ضد الهيمنة الأجنبية قد يكون حافزا، على الأقل بالنسبة للقطاع الأكثر وعيا من العرب، للخروج من الدولة. من اليأس واليأس الذي هي عليه اليوم، والثورة – على طريقة أسلافها. – على هذه الظروف بقصد تغييرها بما يتفق مع مصلحة بلاده وبما يتفق مع كرامته وسيادته واستقلاله.
إن وجود ذاكرة تاريخية من شأنه أن يعلم ويحرض، ويجعل التاريخ ليس سجلاً بارداً للموتى، بل حياة خفية مليئة بالأمثلة الحية والمعرفة والمقارنات حتى يمكن الاستفادة منها، حتى لا تتكرر الأخطاء. والثمن الذي تم دفعه بالفعل لم يتم دفعه.
لكن هذا لا ينفي خلق وسائل مبتكرة للتعامل مع الحقائق الجديدة التي تواجهنا، بالاستفادة من الذاكرة والسعي للمقارنة بين الأحداث المتشابهة، تماماً كما يفعل الحرفي الماهر الذي يستفيد من تجاربه السابقة ومن أخطاء الآخرين، و ويحاول في كل مرة أن يقدم إضافة جديدة لهذه الرحلة التي ليس لها نهاية.

عودة الاستعمار

شهدت السنوات القليلة الماضية، خاصة مع بداية الألفية الثالثة، عودة الاحتلال العسكري والاستعمار المباشر الذي نتج عنه، مما يطرح العديد من التساؤلات حول هذه العودة القوية في ظل العولمة بعد أن ظن الكثيرون أن عصرهم قد ولى.
وقد تجلت هذه الظاهرة في الاحتلال الأمريكي للعراق، ومن قبله أفغانستان، واستمرار الاحتلال الاستيطاني العنصري لفلسطين، حيث تم احتلال أفغانستان بعد الأحداث التي استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية في 11 سبتمبر 2001، ومن ثم احتلال العراق عام 2003. كما استغل الكيان الصهيوني هذه الظروف لإحكام قبضته على الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، وكذلك غزو لبنان صيف عام 2006 بحجة الدفاع عن النفس. ومقاومة الإرهاب .
تهدف مقولة عودة الاستعمار إلى معاني تجسد نهب الموارد، وتدمير الهياكل الاجتماعية والمادية، وتمزيق الدولة والجماعات والروابط، والتلاعب بماضيها وحاضرها من أجل منعها من التقدم والتجديد والبناء على طريق المساهمة في الحضارة الإنسانية. لكن فكرة عودة الاستعمار لا يمكنها أن تفسر كل ما يصيب العالم العربي
أما رد فعل الشعوب العربية فقد تمثل بالمقاومة التي اشتدت عقب الاحتلال المباشر للعراق عام 2003، وكذلك عقب غزو الكيان الصهيوني للبنان في تموز/يوليو 2006، وأثبتت قدرتها على مواجهة العدو الصهيوني بشجاعة. وتقصف أراضيها بصواريخها، مما يدحض أسطورة الجيش. التي لا تقهر، فضلاً عن الاعتقاد السائد في إسرائيل بأن الحرب مع العرب لا تحدث إلا على الأراضي العربية، وبالتالي فهي محصنة ضد الأراضي الإسرائيلية.
ويرى الكاتب أن مثل هذه المقاومة لا بد أن تكون لها انعكاسات خطيرة على الوضع في الشرق الأوسط والعالم العربي بشكل عام. ويشمل ذلك رفع معنويات الشعوب العربية وإعادة الثقة فيها بعد حقبة تاريخية طويلة لم تعرف فيها سوى الهزائم والقمع وما نتج عنه من إحباط.

أسباب التخلف

ويعزو المؤلف حالة التخلف الاقتصادي والاجتماعي التي يتميز بها العالم العربي اليوم إلى عدة عوامل، أولها: احتلال إسرائيل، بدعم من الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، للأراضي العربية في فلسطين وسوريا وفلسطين. لبنان.
الثاني: سوء التصرف وغياب الحكم الرشيد، وهو المسؤول عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي، والذي يتمثل في سياسة التبذير والإسراف والفساد، وترحيل جزء مهم من الدول 'موارد لصالح الحكام وأسرهم وحاشيتهم، على حساب التنمية والنهوض بالمجتمع.
ثالثاً: عدم وجود سوق عربية مشتركة شبيهة بالسوق الأوروبية، باعتبار توافر السوق شرطاً ضرورياً لنجاح كل مشروع تنموي.
رابعاً: عجز العالم العربي في المعرفة وتمكين المرأة والديمقراطية والمواطنة. إن المعرفة المبنية على التعليم والبحث العلمي هي القوة الدافعة للإبداع الاقتصادي والاجتماعي والإنساني. وتتجسد أسباب التخلف في عدم احترام حقوق المرأة وفشلها في المساهمة الفعالة في النهوض بمجتمعاتها. ويرجع ذلك إلى بقايا العقلية الأبوية والقبلية التي لا تزال موجودة في العديد من الدول العربية.
إن نمو المعرفة وتمكين المرأة يتطلب قدرا كبيرا من الحرية والديمقراطية، ولكن ما يسود في الدول العربية هو غياب الديمقراطية وغياب حرية الرأي والتعبير والفكر والتجمع السلمي.
إن المخرج من التخلف والاستعمار يكمن في استبدال الأنظمة السياسية القائمة على الحكم المطلق والاستبداد بأنظمة ديمقراطية، يكون فيها الشعب مصدر السلطات كلها. وهذا يتطلب إنشاء أنظمة دستورية حقيقية تقوم على حرية الفكر والحوار والمواطنة، وبالتالي على مشاركة المواطنين، بشكل مباشر أو غير مباشر، في اتخاذ القرارات الحاسمة للنهوض بمجتمعاتهم.
ويرى المؤلف أن الديمقراطية تمثل، في نهاية التحليل، الحل الأنجع لنمو المجتمعات العربية، وإخراجها من التخلف الذي لا يزال قائما فيها، وضمان استقلالها وسيادتها وكرامتها، وحقها في الحياة. السبيل للتخلص من الاستبداد وما ينتج عنه من سوء السلوك والفساد وكل التجاوزات التي تتعارض مع حقوق الإنسان والمواطنة وتعيق مسيرة التقدم.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً