التسامح والتعايش بين الأديان: ما هو مفهوم التسامح الحقيقي، وماذا يعني التسامح والتعايش بين الأديان، وما تأثيره على الفرد والمجتمع، وكيفية تحقيقه بالطرق الصحيحة.
خلق الله تعالى الإنسان وخلق الديانات السماوية أيضا مما جعل الناس مختلفين من حيث الأديان التي يعتنقونها، وأحيانا نجد أن اختلاف الأديان بين الناس والأمم والشعوب يكون سببا للاختلاف بينهم وإحداث الحروب. والجريمة بالإضافة إلى انعدام الأخلاق بحيث لا يحترم الأفراد الأديان والمعتقدات. والآخر، رغم أنها جميعها ديانات إلهية، وفي جميع هذه الأديان، أمر الله تعالى عباده باحترام الأديان الأخرى وتنظيم حياتهم على أساسها، كما ذكر الله تعالى في كتابه العزيز، في سورة لقمان: {وَمَا كَانَ لَكُمْ فِي مَا كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ} وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ولو كانوا الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير.
مظاهر تعايش الأديان
فالتعايش في الإسلام ينطلق من أساس عقائدي وله جذور إيمانية. ولذلك فإن مفهوم التعايش من وجهة نظر الإسلام ليس من المفاهيم الإيجابية الحديثة التي صيغت منها قواعد القانون الدولي. ويعتقد المسلم أن الهداية الإلهية جاءت عبر سلسلة طويلة من الرسالات والنبوءات، كان آخرها اليهودية، ثم المسيحية، ثم الإسلام. ومن الطبيعي إذن أن تكون هذه الديانات الثلاث أقرب إلى بعضها البعض منها إلى سائر الأديان، والقرآن يسمي المسيحيين واليهود (أهل الكتاب)، لأن الله عز وجل أنزل التوراة على موسى. والإنجيل على عيسى عليهما السلام قبل أن يصل محمد صلى الله عليه وسلم الرسالة في تمامها مصدقا لما كان بينهما. يديها تصحيح وتقويم وتفصيل أمور الشرع والقانون والعبادات والأخلاق، فنزلت القرآن الكريم، وهو الوحيد الباقي بصورته الأصلية، كما نزل بصورته الأصلية. اللغة، كلمة بكلمة وحرف بحرف.
ومن أبرز مظاهر التعايش الذي ساد الحضارة الإسلامية على مر العصور أن الإسلام يعتبر اليهود والمسيحيين أهل دين إلهي، حتى لو لم يكن هذا الاعتبار متبادلا. ورغم أن عدم الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم هو في نظرنا أمر عظيم وأمر خطير، بل وأمر كبير، إلا أن الإسلام قد تكيف مع هذا الخلاف، وليس بالاستخفاف بأمره. ، أو استرضائها مذهبياً، ولكن بما وضعته من تعاليم في باب المعاملات التي تسمح بالتواصل والتراحم رغم اختلاف المعتقدات.
إن التسامح في المنظور الإسلامي هو نتيجة للتصور الإسلامي للإنسان الذي يقوم على معيارين. الأول: تحديد هدف الوجود الإنساني، الذي يتخذ الإنسان الأسباب لتحقيقه، ومن ثم الالتزام بالأسباب التي تتوافق مع هذا الهدف ولا تتعارض معه. والثاني هو توسيع الوعي بالوجود الإنساني إلى ما بعد الحياة. العالم القصير الزائل، إلى الحياة الأبدية الدائمة. لقد خلق الله الإنسان لأغراض غير تلك التي خلق الحيوانات من أجلها، ولم يكن خلقه مجرد إضافة حيوان جديد إلى قائمة الحيوانات، بل كان خلق جنس آخر من الخلق خلقه الله بقدرته ليعبده. بوعي الله، وأن يعمر الأرض وفق المنهج الإلهي، وفي سبيل ذلك كان الهدف أن يعطى المزايا التي أوتيها، وأنزلت الكتب لهداية على أيدي الرسل الكرام، وصلى الله عليهم وسلامه. وكان من أهداف إرسال الرسل وإنزال الكتب قيام الناس بالعدل.
ومن صور العدالة أن يسود التعايش بين الأمم والشعوب، بالمعنى النبيل للتعايش الذي يقوم على العدل في المعاملة والمساواة في العلاقة. وبهذا المعنى فهم المسلمون العدل في قوله تعالى: “لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط”. لقد طبق المسلمون العدالة بالمستوى الذي يليق بالإنسان، سواء في معاملة من لا يؤمن بالإسلام ومبادئه، أو في تطهير المجتمع من الرذيلة، أو في الخدمات الإنسانية المقدمة للناس، أو في التعاون على البر والتقوى. ويشهد التاريخ أن معاملة المسلمين لغير المسلمين في البلاد المفتوحة كانت نموذجاً رائعاً للتسامح الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ، ويتضح مدى نبله مقارنة بحال الأقليات الإسلامية التي تقع تحت سيطرة اليهود. والمسيحيين والمشركين عامة.
الأهداف الأساسية للتعايش بين الأديان
هناك عدد من الأهداف التي يسعى إليها مبدأ التعايش بين الأديان، منها:
فالتعايش بين الأديان مفهوم متكامل في كافة جوانب الحياة.
– يسعى إلى تحقيق تلك الأهداف والأمور الأكثر سموًا وسموًا، والتي يسعى الإنسان دائمًا لتحقيقها.
– العمل على استبعاد كل كلمة من شأنها المساس بعظمة الخالق، بالإضافة إلى عدم السماح تحت أي ظرف من الظروف بمخاطبة الله تعالى أو الاستهزاء به.
– التفاهم الرفيع والتعايش الإيجابي بين كافة الاتجاهات الدينية، والتي ترتبط بشكل أساسي بأرضية مشتركة من المفاهيم.
-السعي إلى تحقيق التعاون المشترك في العمل على تحقيق تلك الأهداف المنصوص عليها.
– العمل على نشر ثقافة الاحترام المتبادل والثقة بالآخرين.
ويتضمن التعايش بين الأديان العمل المنسق والمشترك لمكافحة الإلحاد والانحطاط الثقافي وجنوح الأطفال والمشاركة في كل تلك الآفات والأمراض التي تهدد سلامة الفرد والجماعة وتضر الجميع.
– العمل على حل أسباب أي توتر أو اضطراب أمني، والسلام الشخصي، وعدم الاستقرار في العديد من أنحاء العالم، مثل البوسنة والهرسك، وفلسطين، والعراق، وسوريا، ومنطقة كوسوفو وكشمير، والفلبين، وأيضاً العديد من الدول. مناطق في قارة أفريقيا. ويجب أن يكون مفهوم التعايش السلمي داعما لجهود المجتمع لتحقيق السلام. وإقامة تلك المجموعة من العلاقات السليمة بين الشعوب والأمم في ظل سيادة القانون الدولي.
ويجب أن يتوجه التعايش بالدرجة الأولى نحو نصف المظلومين والمظلومين في الأرض، دون تمييز بينهم أو إقصاء لأي طرف منهم، وإلزام جميع الأطراف، سواء أفرادا أو جماعات أو دول، باحترام كافة أحكام القانون الدولي وتعاليم الشرع الإلهي. الأديان.
أساليب الحوار بين الأديان
حوار الأديان هو عبارة عن مجموعة من اللقاءات التفاعلية والتواصلية بين ممثلي مختلف الأديان السماوية للعمل على سيادة الأمن والسلام في العالم. ولذلك فإن حوار الأديان لا يقتصر على التعريف بمبادئ كل دين والدفاع عنها، بل يشمل قضايا السلام العالمي ونبذ الحروب والعنف ومكافحة الفوارق الاجتماعية والحفاظ على الكرامة والحقوق. الإنسان والحفاظ على البيئة… حوار الأديان يقوم على مجموعة شروط، نذكر منها الإيمان القوي بمبادئ الدين وأهدافه، إلى جانب المعرفة الواسعة بقضاياه وحرياته. والاستقلالية في التفكير، بعيداً عن كل الضغوط السياسية والطائفية للوصول إلى الحقيقة والاعتراف بها. وهي تقوم على مبادئ مثل الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة من خلال نبذ العنف والتعصب والكراهية، والاعتماد على العقل والبرهان والإقناع بحثا عن نقاط الالتقاء والتعايش.
حوار الأديان هو لقاءات بين أهل الديانات السماوية من أجل العمل على نشر الأمن والسلام في العالم والبحث عن أساليب نبذ العنف والحرب ومكافحة الفقر وحماية البيئة والحفاظ على كرامة الإنسان.
هناك طرق عديدة لحوار الأديان:
وهي تأخذ ثلاثة أشكال: حوارات فردية تتم بين علماء متخصصين في مختلف الأديان لدراسة القضايا الفقهية والإنسانية. وتتم الحوارات الجماعية من خلال مؤتمرات وندوات تحت إشراف الحكومات أو الجمعيات التي ترعى الحوار بين الأديان. والحوارات عن طريق المراسلة من خلال تبادل الرسائل بين العلماء المتخصصين في مختلف الأديان. وجرت مجموعة من الحوارات الجماعية لتقريب وجهات النظر بين الديانات السماوية، مثل اللقاء الإسلامي المسيحي في الأردن عام 1982، ومؤتمر حوار الأديان عام 1986 في تشيكوسلوفاكيا، والمؤتمر الإسلامي اليهودي الأول في بلجيكا عام 2005.