الوقف في العصر الحديث، ما أهميته للمجتمع، وكيفية تحقيق شروط الوقف في العصر الحديث.
وقف
الوقف مصطلح إسلامي. ويعني في اللغة الحبس أو المنع. ومن الناحية الفنية، هو «حجز العقار عن ملكيته لأحد من الخدم، والتصدق بالمنفعة على بنك حلال». ويشمل الوقف الأصول الثابتة كالعقارات والمزارع وغيرها. وتشمل الأصول المنقولة التي يبقى جوهرها بعد الانتفاع بها، كالآلات الصناعية والأسلحة. أما ما ضاع جوهره بالانتفاع به فهو صدقة، كالمال والطعام وغيرهما. ويختلف الوقف عن الصدقة في أن الصدقة تنتهي بإنفاقها، أما الوقف فيستمر في الإنفاق في وجوه الخير حتى بعد الموت.
أركان الوقف
وللوقف أربعة أركان أساسية يجب توافرها في كل وقف، وهي كما يلي:
– معلق
-تم القبض عليه
-صيغة التوقف
– مألوف
أنواعها
وتنقسم الأوقاف إلى نوعين، ويشتق الثالث منها على النحو التالي:
1- الوقف الوطني (النسل): ما يقصد به نفع أفراد معينين أو ذريتهم من أقارب أو ذرية أو غيرهم.
2- الوقف الخيري: ما يقصد به نفع واحد أو أكثر من الصالحين، وكل ما ينفق عليه من أجل القرب إلى الله تعالى.
3- الوقف المشترك: ما يجمع بين الوقف المدني والخيري.
أهدافه
أهداف الوقف عديدة وهي كما يلي:
1- امتثال أوامر الله تعالى في العطاء والإنفاق.
2- تحقيق مبدأ التكافل بين أفراد الوطن والتوازن الاجتماعي حتى تسود المحبة والأخوة ويعم الاستقرار.
3- التأكد من بقاء المال، واستمرارية الانتفاع به، واستمرارية العوائد من الأوقاف المقفلة.
4- تحقيق أهداف التنمية المجتمعية في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية وغيرها.
5- الحفاظ على الروابط الأسرية وضمان مستقبل الأقارب والمحتاجين، حتى لا يكونوا عالة ومتوسلة للآخرين.
الفرق بين الوقف والوصية:
تختلف الوقف عن الوصية في أمور منها ما يلي:
– الوصية : التبرع بالمال بعد الموت . وأما الوقف فهو: حبس الأصل ومنح المنفعة، شرط الحياة.
– في الوصية: يجوز لصاحبها نقضها وتغييرها إلا إذا كان في حالة الموت؛ لأنه ينتمي إليه. وأما الوقف: فلا يجوز الرجوع عنه، ولا يحق له تغييره. لأنه يخص الله عز وجل.
– ولا يجوز أن تزيد الوصية على الثلث إلا بموافقة الورثة. أما الوقف: فيجوز أن يزيد على الثلث، مع مراعاة ضرورة عدم الإضرار بالورثة.
– الوصية: لا تجوز لوارث إلا بإذن الورثة. وأما الوقف: فهو يصح للوارث.
– في الوصية: أن الموصى له يملك العقار والمنفعة، فيحق له التصرف في العقار كما يشاء. وأما الوقف: فإن الواقف يملك المنفعة دون العقار، فلا يجوز له التصرف في الوقف مطلقا.
تطور الوقف في العصر الإسلامي
الوقف في العصر الأول (عصر الصحابة)
وكانت الأوقاف الأولى في عهد النبي وأصحابه، وكانت تشمل المساجد والمزارع وغيرها.
الوقف في العصر الأموي
وتزايدت الأوقاف بسبب توسع الفتوحات الإسلامية التي وصلت إلى مشارف الصين شرقا وحدود فرنسا غربا. وتم إنشاء إدارة خاصة للإشراف على الأوقاف. وكانت إدارة الأوقاف تخضع للإشراف المباشر للسلطة القضائية، وكانت مستقلة عن السلطة التنفيذية.
الوقف في العصر العباسي
وتزايد التوسع في إنشاء الأوقاف، وأصبح مكتبها يتولى ما يسمى (صندوق الوقف)، وشمل الإنفاق من إيرادات الوقف الأوقاف الثقافية المدنية مثل المستشفيات والمكتبات ودور الترجمة والمعاهد التعليمية وغيرها. .
الوقف في العصر المملوكي
توسعت الأوقاف في العصر المملوكي وتزايدت بشكل كبير في العدد والنطاق. تم إنشاء ثلاثة مكاتب لإدارة الأوقاف والإشراف عليها: 1. مكتب أمناء المساجد. 2. مجموعة من أسرار الحرمين الشريفين والوجهات البرية المختلفة. 3. مكتب الأوقاف المدنية.
الوقف في العصر العثماني
اهتم السلاطين العثمانيون بالأوقاف بدرجة ملحوظة، خاصة بين نساء بني عثمان، وتوسعت عائدات الوقف لتشمل كليات الطب والخدمات الطبية للمستشفيات القائمة، مواكبة التطور والتقدم العلمي في العصر الحديث.
الوقف في العصر الحاضر
اهتمت العديد من الدول الإسلامية في العصر الحاضر بالأوقاف في مختلف المجالات، وأنشأت الكثير منها وزارات خاصة بالأوقاف أو إدارات خاصة تعنى بشؤونهم وأمورهم. ينظر
الوقف في العصر الحديث
وفي العصر الحديث، كان هناك اهتمام قوي بالسيطرة على نظام الوقف من قبل الدولة. ويرجع ذلك إلى أهميته ودوره وتنوع خدماته وتأثيره على حركة المجتمع، بالإضافة إلى أن نظام الوقف عانى من الكثير من سوء الإدارة في ذلك الوقت. والتي أضاعت أهدافها وأتاحت الذريعة للسيطرة عليها، فأعادت الدولة نظام الوقف لمكافحة الهدر وبيع الأوقاف غير المنتجة وغيرها من التدابير. وكانت النتيجة في معظم الدول تراجع أعداد الأوقاف، حيث امتنع الأفراد عن القيام بمبادرة فعالة تجاه المجتمع، بالإضافة إلى فقدان أعداد كبيرة من الممتلكات الوقفية.
إن التحول الذي حدث في نظام الوقف والاهتمام به لم يكن مجرد نتيجة ابتكار مستوحى من الخيال، بل هو قضية تقوم على الرغبة في تحويل المجتمع من مجتمع محتاج يفتقر إلى مقومات الدفع الذاتي إلى مجتمع يدعم بعضهم البعض لتلبية احتياجاتهم ومواصلة رحلتهم للوصول إلى أكمل معاني حقوق الإنسان. والفردية التي نرتقي بها كل أمة، حتى يتميزوا عبر الأجيال ويرسموا طريق الابتسامة في وجوه الصعوبات، آملين أن يصلوا بذلك إلى مستوى العدالة التي ترضي جميع فئات الناس.