تطور علم الجغرافيا

تطور علم الجغرافيا. واليوم في هذا العرض المميز سنتحدث عن تطور علم الجغرافيا، وما هو التعريف الشامل لعلم الجغرافيا، وأهم خصائصه.
ومع بداية العصر الحديث ونشاط الاكتشافات الجغرافية التي أوصلت البشرية إلى قارات العالم الجديد، كان من المهم وصف هذه المناطق والمناطق التي تم اكتشافها جغرافيا، حيث كانت المدرسة الوصفية في أوج عطائها في ذلك الوقت، ووصلت أهمية الجغرافيا في ذلك الوقت إلى حد كبير، خاصة في خطط الدول. الاستعمار، الذي يطمح إلى التوسع في العالم الجديد بناءً على الكتابات الجغرافية

الجغرافيا في الفكر الجغرافي الحديث:


لم يكن مفهوم الجغرافيا في القرنين السابع عشر والثامن عشر واضحا، وكان المفهوم الشائع بين الناس – وربما لا يزال كذلك – أن الجغرافيا هي موضوع معرفي غير متخصص يتناول وصف ظواهر سطح الأرض، ويقدم لنا بمعلومات عن العالم ومناطقه ودوله وبلدانه. ويعود هذا المفهوم بشكل أساسي إلى أن الكتاب في ذلك الوقت لم يتمكنوا من إيجاد مفهوم جغرافي يتضح من خلاله الهدف الذي يحدد المسار لكل عامل في المجال الجغرافي.
ولم يكن الاهتمام بالجغرافيا في تلك الفترة في حد ذاته كعلم متميز عن غيره، بل كان ينظر إليه على أنه مادة مساعدة تستخدم في بعض شؤون الحياة، مثل تفسير الأحداث التاريخية وتحليل شخصياتها. لقد استخدمت الجغرافيا في كثير من الأحيان لتفسير ظهور الأمم والدول والإمبراطوريات ومن ثم تراجعها وضعفهم وسقوطها.
وقد اهتم الجغرافيون في ذلك الوقت بالجوانب العلمية للجغرافيا دون أن يحاولوا إيجاد أسس نظرية صالحة للعمليات النظرية التي يقوم عليها علم جغرافي له طابعه المستقل وهويته الواضحة وهدفه الواضح.
ومع بداية القرن التاسع عشر دخلت الجغرافيا مرحلة جديدة سميت (مرحلة الجغرافيا الكلاسيكية). وكان ذلك بمثابة بداية الجغرافيا الحديثة بمفهومها العلمي الجديد الذي يعتمد على التحليل والارتباط والاستدلال. ويعود الفضل في ذلك إلى العالمين الألمانيين ألكسندر فون هومبولت (1769). – 1859) وكارل ريتر (1779 – 1859)() حيث قاما بتطوير الأفكار والمفاهيم النظرية الجغرافية التي كانت سائدة في أواخر القرن الثامن عشر وتحويلها إلى حقائق باتباع المنهجين التجريبي والاستقرائي.
ركز هومبولت كتاباته على الجوانب غير البشرية، واقتصرت دراساته على الجوانب الطبيعية. أما ريتر فقد اتخذ مظاهر غير بشرية تساعده في دراساته الإنسانية. في حين أولى همبولت اهتمامًا كبيرًا بالجغرافيا العامة، كانت النزعة الإقليمية هي أعظم إنجازات ريتر، الذي أكد مرارًا وتكرارًا على أهمية التنظيم الإقليمي للجغرافيا ().
تعرضت الجغرافيا لانتكاسة بعد وفاة همبولت وريتر في نفس العام 1859، فلم يتركا بنية كاملة وواضحة لموضوع الجغرافيا، مما أدى إلى أزمة في الفكر الجغرافي بعد وفاتهما. تحركت تيارات الفكر الجغرافي في اتجاهات خاطئة، وبدأ التركيز على دراسة الظواهر الطبيعية أكثر من الظواهر البشرية. تحول التركيز في الدراسات الجغرافية إلى الجانب الطبيعي، وأصبحت دراسته تعني دراسة الجغرافيا الطبيعية والعكس، ووصل الأمر إلى حد البعض مثل جورج جيرلاند جورج (1833). – 1919) استبعاد كافة الظواهر الإنسانية من الدراسة الجغرافية، ودعا إلى ضرورة العودة إلى الجغرافيا العلمية البحتة واستبعاد العامل البشري من عناصر الدراسة الجغرافية. وفي الوقت نفسه اهتم فريدريش راتزل (1844 – 1904) بالإنسان وظواهره، وكان من أوائل الذين حملوا راية الدعوة إلى إعادة احترام العنصر البشري والدراسات الجغرافية، في كتابه الأنثروبوغرافيا والذي حاول فيه فتح صفحة جديدة في مجال العلاقة بين الإنسان والطبيعة من خلال رفع مستوى دراسة الإنسان. في الجغرافيا إلى مستوى الدراسة البدنية
ازداد الاهتمام بالعامل البشري في الدراسات الجغرافية نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وبالغ البعض في آرائهم، مثل الأمريكية إلين سيمبل (1863 – 1932) وهي تلميذة راتزل التي أكدت على تأثير البيئة على الإنسان وحتميته. وفي عام 1911 ألفت كتاباً بعنوان (المؤثرات البيئية). وقالت الجغرافيا (تأثير البيئة الجغرافية) فيها إن الإنسان هو نتاج سطح الأرض التي رضعته وغذته ووجهت أفكاره وواجهته الصعوبات التي تقويه. جسده، وشحذ عقله، وأعطاه المشاكل، وهمس له بحلولها

دور العرب في تطوير الجغرافيا:


كان العرب شعبًا صحراويًا يجوب الصحراء بجماله وأغنامه بحثًا عن المرعى والماء. ولم يتمكنوا من عبور تلك التضاريس إلا عن طريق تحديد الأشياء في النهار واستخدام النجوم كعلامات في الليل. هذه الظروف البيئية الطبيعية في بيئتهم فرضت على العرب أن يكونوا على دراية ببعض جوانب الجغرافيا، حتى لو لم يدرسوها لمصلحتهم الخاصة. ولذلك، لم يكن غريباً أن نجد آثاراً عربية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالقضايا الجغرافية قبل أن تولد الجغرافيا العربية كعلم. ونجد أنه قد ورد فيه الشعر الجاهلي. أما الجغرافيا، كما وردت في الشروح السبعة، فلا يخلو أي منها من ذكر المواقع ووصف المعالم الطبيعية المختلفة.
ونجد أن رواية الشعر كانت أهم ما اهتم به العرب على مر العصور. وكانت القصائد متواترة على ألسنة الرواة. وهذا من مميزات الشعر العربي على الجغرافيا، أي خلوده لخلوده. لقد حفظ لنا البذور الأولى للفكر الجغرافي العربي، ولذلك أصبح مصدراً لدراسة هذا الفكر، وأصبح الشعر عوناً للباحثين. وفي الجغرافيا التاريخية، لا غرابة أن تكون الجغرافيا من الفنون التي اشتغل بها العرب الأوائل.
ونجد أن الأصمعي وهو عالم لغوي، ضليع في جغرافية الجزيرة العربية، ويستمر هذا الارتباط بين اللغة والجغرافيا إلى عصر لاحق. نجده في «معجم البلدان» لياقوت الحموي وهو موسوعة جغرافية وكتاب في اللغة، وفي كتاب «العروس» للزبيدي وهو من اللغويين. قواميس اللغة العربية. وكان عدد غير قليل من العرب أهل تجارة، وهي حرفة تتطلب منهم استكشاف الأرض ومعرفة أسواقها، وما تنتج أراضيها، وصناعاتها، وعاداتها. وتقاليد أهلها، وهذا يتوافق مع دراسة الجغرافيا. ولما كانت الجغرافيا في المفهوم القديم ليست أكثر من علم الأرض ومساراتها وسكانها ونشاطهم الاقتصادي، فإن الجغرافيا العربية في بدايتها كانت إلى حد كبير نتيجة الظروف البيئية.
وفي القرن السابع الميلادي ظهر الإسلام في جزيرة العرب، ولم يمض وقت طويل حتى انتشر الإسلام شرقاً وغرباً، ليصل شرقاً إلى حدود الصين وغرباً إلى بحر الظلام أو المحيط الأطلسي وأوروبا، و وقامت الإمبراطورية الإسلامية المترامية الأطراف، وأصبح من الضروري تحديد أحوال هذه الأراضي الشاسعة. التي كانت موجودة تحت راية الإسلام، وكان على النظام الحاكم أن يكون على دراية بالطرق التي تربط هذه الإمبراطورية، وأن يعرف المسافات التي تفصل بين المدن الرئيسية والبلدان المختلفة، وكان من قواعد الإسلام الحج إلى بلاد الشام. بيت الله. المسجد الحرام، والحج رحلة تحتاج إلى معرفة طرق بيت الله الحرام، والمياه التي عليه، وبيوت القبائل، وأماكن الرعي. وكان لاجتماع المسلمين للحج أثر في معرفتهم وتبادل المعلومات حول بيوتهم.
وكذلك ظهر من العرب جماعة من الكتاب الذين اهتموا بما أسموه تقويم البلدان، وكثرت الكتابات العربية في هذا المجال. وهذه الكتب، رغم أن العصر قد مضى بها، إلا أنها لا تزال تمثل مرحلة بارزة في تاريخ الفكر الجغرافي بشكل عام، خاصة إذا نظرنا إليها من منظور عصرها، وفي مواجهة التوسع في هذا العصر الإسلامي. الدولة، ظهر جماعة من العلماء الذين اهتموا بالتعرف على أحوال هذه البلاد، فكتبوا ووصفوا ما عرف بتقويم البلدان، وظهرت كتابات كثيرة تحمل اسم الدروب والممالك، والممالك والدروب، و المسارات. الممالك، وتقييم الدول، وهو ما يهتم بشكل خاص بمعرفة مدى ارتباط أجزاء هذا البلد ببعضها البعض، وما هي المسارات والدروب والمدن الموجودة في هذا البلد.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً