تعريف الإيمان، وما هي أركان الإيمان، وما أهمية الإيمان، كل ذلك في هذه السطور التالية.
للإيمان أهمية كبيرة في حياة الإنسان، لارتباطه بدينه، فهو القيمة الحقيقية الأساسية للإنسان. ومن كان بلا دين صادق فلا قيمة له، ولا تتحقق العبادة الحقة إلا بالعقيدة الصحيحة. إذا صح اعتقاد الإنسان صح دينه، وإذا صح دينه، وصحت علاقته مع الله – عز وجل – فإذا وصل إلى هذا المستوى، حقق السعادة التي ينشدها في الدنيا والآخرة، و ولا سبيل لتحقيقه إلا بالإيمان الصحيح.
وأمام الفتن والمؤامرات التي يتعرض لها المسلم، عليه أن يلجأ إلى الله عز وجل، وأن يتمسك بحبله المتين، ويتعلم ما ينجيه في الآخرة ويحميه مما حوله، خاصة في الأمور. من العقيدة والإيمان. إن العقيدة السليمة المتأصلة في النفوس تنقذها إذا هاجمتها المشاكل والمصائب. أو أصابتها الهموم.
وقد سبق أن تحدثنا عن معنى العقيدة باختصار، وأوضحنا مفهومها، ثم عرضنا خصائصها وبيننا مصادرها. وقبل التوسع في بيان أصوله أو بيان أركان الإيمان، سنتحدث عن تعريف الإسلام والإيمان، وبيان ثماره وآثاره. وقبل ذلك سنتحدث عن تعريف العقيدة وعلاقتها بالإيمان.
معنى الإيمان في اللغة
– الفقه في اللغة: من العقد؛ وهو الربط، والختام، والشد، والتوثيق، والشد بقوة، والتماسك، والاكتناز، والإثبات. وفيه اليقين واليقين. والعقد هو ضد الحل، ويقال: العقد ينعقد، ومنه عقدة الأيمان والنكاح. قال الله تبارك وتعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما وثقتم في أيمانكم}. [المائدة: 89].
– الإيمان: الحكم الذي لا يشك فيه المؤمن، والإيمان بالدين هو المراد بالاعتقاد بلا عمل. مثل عقيدة وجود الله وإرسال الرسل. والجمع: عقائد وخلاصة ما عقد عليه الإنسان قلبه؛ وهو اعتقاد سواء كان صحيحا أو كاذبا
معنى العقيدة في الاصطلاح
و(العقيدة) في الاصطلاح: هي الأمور التي يجب أن يؤمن بها القلب، وتطمئن إليها النفس؛ بحيث يكون يقينًا راسخًا، لا يختلط بشك، ولا يختلط بشك. أي: اعتقاد جازم لا يقبل الشك في اعتقاده، ويجب أن يكون مطابقًا للواقع، ولا يقبل الشك والريب. وإذا لم يصل العلم إلى درجة اليقين الجازم، فلا يسمى اعتقادا. ويسمى عقيدة؛ لأن الإنسان قد وضع قلبه عليه
أركان الإيمان
أركان الإيمان كل لا يتجزأ، ومن كفر بأحدها أو ببعض ما ثبت في القرآن الكريم أو بالسنة النبوية، فلا يقبل اعتقاده ببقية الأركان. وقد وردت هذه الأركان في كتاب الله تعالى وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-. وفي مواضع كثيرة منها: قوله تعالى: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون، كل آمن منهم بالله وملائكته وكتبه ورسله)، وقال تعالى : (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين) وقوله تعالى: (ومن آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين) ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر قد ضل ضلالا بعيدا) وبيان هذه الأركان كما تعرف بأركان الإيمان هو كما يلي:
1- الإيمان بالله، وهو الإيمان الجازم بوجود الله تعالى، والإيمان بربوبيته وألوهيته، والإيمان بجميع أسمائه وصفاته، وأنه متصف وحده بجميع صفات الكمال، وأنه وحده. هو قبل كل شيء النقص.
2- الإيمان بجميع الملائكة أنهم من خلق الله تعالى، وأنهم عباد مكرمون. فمنهم من يوكل بحمل عرش الرحمن، ومنهم من يوكل بالجنة والنار، ومنهم من يوكل بكتابة أعمال العباد، والإيمان بها يشمل أيضا الإيمان بما ورد من أسمائهم من الله عز وجل. ورسوله صلى الله عليه وسلم مثل: جبريل أمين الوحي. وميكائيل، ومالك خازن النار، وإسرافيل صاحب الصور، وغيرهم ممن ذكر عنهم النص الصحيح.
3- الإيمان بالكتب السماوية، أي الإيمان الجازم بوجودها جميعاً على الأصل الذي نزلت فيه، وما ورد فيها من التشريعات والالتزامات.
4- الإيمان بالرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام أجمعين: الإيمان بالرسل يعني الإيمان الجازم بأن الله تعالى بعث إلى كل أمة رسولاً؛ ودعوتهم وإرشادهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأمرهم بالكفر بما يعبدون من دون الله من الأصنام والأوثان، وأن الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام هم كل صادق وجدير بالثقة. أيدهم الله بالمعجزات، وأنهم عليهم الصلاة والسلام قاموا وأبلغوا ما أرسلهم الله به، وأنهم لم يكتموا ما أرسلوا به، ولم يغيروا فيه شيئا، ولم يغيروا شيئا. فإنهم يزيدون عليه شيئا من تلقاء أنفسهم، وأن الله سبحانه وتعالى فضل بعض الأنبياء على بعض، ورفع بعضهم فوق بعض درجات.
5- الإيمان بالإيمان باليوم الآخر، أي: الإيمان بكل ما أخبرني به رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، والذي ثبت صحته في الحياة بعد الموت؛ ومن عذاب القبر، ومن البعث، والحساب، ومن الجنة والنار.
6- الإيمان بالقدر، أي الإيمان بأن كل ما قضاه الله تعالى وقدره فهو بقضاءه، وكل ما يصيب العبد فهو بقضاء الله عز وجل.
للعقيدة الإسلامية أهمية كبيرة تظهر في الأمور التالية:
1- أن جميع الرسل أرسلوا بالدعوة إلى المذهب الصحيح. قال الله تعالى: «و ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أن لا إله إلا أنا فاعبدون». [الأنبياء: 25].
2- إن تحقيق توحيد الألوهية وإفراد الله بالعبادة هو المقصد الأول من خلق الإنس والجن. قال الله تعالى: “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”. [الذاريات: 56]
3- قبول العمل متوقف على تحقيق العبد للتوحيد، وكمال عمله متوقف على كمال التوحيد. وكل نقص في التوحيد قد يحبط العمل أو ينقص من كماله الواجب أو المرغوب فيه.
4- إن البقاء في الآخرة – في البداية أو النهاية – يعتمد على صحة الاعتقاد، مما يبرز أهمية تعلمه والإيمان بالطريقة الصحيحة. وقال – صلى الله عليه وسلم -: «إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله».
5- يحدد هذا المذهب العلاقة بين العبد وخالقه: العلم، والتوحيد، والعبادة الشاملة لله عز وجل: بالخوف والرجاء، والرصد والتعظيم، والتقوى والإنابة إلى الله… وعناية الله الكاملة بالعبد. : المني، صغيرا وكبيرا، في البر والبحر، رزقا وبركة، وحماية ورعاية. .
6- السعادة في الدنيا مبنية على معرفة الله عز وجل. فحاجة العبد إليه فوق سائر الحاجات. ولا راحة ولا طمأنينة إلا أن يعرف العبد ربه وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته.
7- يجيب هذا المذهب على جميع الأسئلة التي تتبادر إلى ذهن العبد، ومنها: شخصية الخالق، مبدأ الخلق، نهايته، غرضه، العوالم الموجودة في هذا الوجود، والعلاقة بينها، موضوع القضاء والقدر..
8- تركيز الكتاب والسنة على موضوع الاعتقاد: البيان، والتقرير، والتصحيح، والبيان، والدعوة.
9- العقيدة الصحيحة هي سبب النشوء والنصر والنجاح في العالمين. والطائفة التي تتمسك بها هي الطائفة الظاهرة المنقذة الغالبة التي لا يضرها من تركها. وقال -صلى الله عليه وسلم-: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق. ولا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله، وهم كذلك».
10- العقيدة الصحيحة هي ما يحمي المسلم من التأثر بما يحيط به من عقائد وأفكار فاسدة.
والخلاصة أن «الاعتقاد الصحيح هو الأساس الذي يقوم عليه الدين، وتصح به الأعمال، كما قال الله تعالى: «فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه»» الرب مع أي شخص.” [الكهف: 110]وقال الله تعالى: ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك: لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين. [الزمر: 65].
فهذه الآيات الكريمة، وما ورد في معناها وهو كثير، تدل على أن الأعمال لا تقبل إلا إذا سلمت من الشرك، ومن هنا كان اهتمام الرسل -صلى الله عليهم وسلم- هو إصلاح المذهب أولا، فكان أول ما دعوا إليه قومهم هو عبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه، كما قال الله تعالى: “ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا” الطاغية.” [النحل: 36].
وأقام النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة بعد البعثة ثلاثة عشر عاما يدعو الناس إلى التوحيد وإصلاح الدين. لأنه الأساس الذي يُبنى عليه الدين. لقد اتبع الدعاة والمصلحون في كل العصور مثال الأنبياء والرسل. فيبدأون بالدعوة إلى التوحيد وإصلاح الدين، ثم ينتقلون إلى الأمر ببقية المذاهب الدينية.