حوار بين الشجرة والحطاب، حوار مع شجرة الزيتون، قصة الشجرة القبيحة، وقصة شجرة العجائب. وهذا ما سنتعرف عليه فيما يلي.
حوار بين الشجرة والحطاب
-يجب علينا أن نجمع الحطب ونكسب لقمة العيش مهما كانت الظروف والأسباب.. مسح دموعه بمنديله (المتهالك) وحاول أن يستجمع قواه، فسقط بفأسه على الشجرة.. وصرخت:
– لا…لا…افعل ذلك أيها الحطاب العجوز، توقف عن البؤس والتعب…سأريحك من هذا البؤس.
توقف ونظر إليها.. ثم قال
– يا إلهي.. ماذا أسمع… هل تتحدث..؟ تلك الشجرة الضخمة…
فأجابته وهي تضحك: نعم.. أنا أتحدث إليك.. احفر الأرض تحت قدميك وبالقرب من صندوقي ستجد بعض العملات الذهبية. خذهم أيها الرجل العجوز، إنهم لك، ثم املأهم بالتراب واذهب…
أحاط الحطاب بجذع الشجرة بيديه المتعبتين واحتضنه بسعادة، ثم فعل ما أمرته به. فأخذ القطع الذهبية وركض وساقاه تتسابقان مع الريح فرحاً وسعادة. فقرر ألا يخبر أحداً بما حدث له، ولا حتى زوجته، وبعد يومين عاد إلى الشجرة مبتسماً… نادته.
– افعل كما فعلت في المرة الأولى… هيا أيها الحطاب الجيد، نحن أصدقاء. تعال…واقترب. سوف تجد المال… فهو لك.
فأخذ الحطاب العملات الذهبية واشترى لزوجته ما تحتاج إليه، فامتلأ فرحًا. لن يتعب بعد الآن، لقد اكتفى من بؤس السنوات الماضية… الشجرة تحبه وتعطيه ما يكفي من المال لأنه لم يأذيها.
كان لدى الحطاب رفيق درب في منتصف العمر (قوي البنية) ويتمتع بصحة جيدة. كان يخرج معه إلى الغابة كل يوم أو ينضم إليه، لكنه رأى علامات النعمة والسعادة في الحطاب العجوز، فتفاجأ.
وفي أحد الأيام تبعه إلى الغابة ووقف على مسافة وسمع الحديث الذي دار بينه وبين الشجرة وشاهده وهو يحفر الأرض ويخرج منها قطع الذهب. اقترب منه وسأله والطمع يملأ وجهه ومشاعره.
هل كلمتك هذه الشجرة وأعطتك المال؟ لقد رأيت وسمعت لها القيام بذلك.
– نعم، لقد شعرت بالأسف علي، وليس لدي ابن يساعدني في متاعب الحياة.
انصرف الرجل العجوز واقترب الرجل من الشجرة وقال لها:
– إيه.. أيتها الشجرة الحنونة أعطيني المال كما أعطيت هذه العجوز.. لكنها لم تهتم به ولم تتكلم.
حفر الأرض حولها.. وبين جذورها.. نبش التراب فلم يجد شيئا. وفي اليوم التالي فعل كما فعل في المرة الأولى، لكنه لم يجد شيئًا.
ثم رجع في اليوم الثالث فلم تجبه ولم تنطق بكلمة واحدة. فسقط عليها بفأسه وضربها ضربا مبرحا حتى شوه جذعها. فحفر الأرض ونبش التراب بيديه، فخرج من التراب عقرب سام لدغه وأفرغ سمه في أصابع يديه، فصرخ من الألم… وسقط على الأرض فاقداً للوعي .
فضحكت الشجرة وقالت له: أيها الحطاب الجشع والحسود، أنت تستحق ما حدث لك لأنك ستموت من غضب وحسد الحطاب العجوز المسكين. واعلم أيها الإنسان أن الطمع ضرره أكثر من نفعه.
حوار مع شجرة الزيتون
الشمس حمراء في وسط السماء كالعين التي أصبحت يقظة، والرياح تثير الغبار عاليا، تغبار أوراق الأشجار، وأشجار الزيتون تنحني تحت حملها كالعالم في زنزانته رأسه متدليًا فوق كتبه، ويئن تحت أثقالها كعامل يقوس ظهره، وتتناثر أشباح التين العارية، لا يحميها إلا الفضول.
هبت نسيم:
شجرة الزيتون: لماذا أراك ترقص مع أدنى نسيم! مثل المغنية التي تهز مؤخرتها عند أدنى نغمة، وتنفجر ضحكتها على أتفه نكتة تقال.
شجرة التين: هذا ليس رقصًا أو صهيلًا، بل فرحًا – لأني أعلى منك – أرى ما لا ترون.
شجرة الزيتون: لا ضرر في ذلك، وهل تقصيرها يخفف من آلام الجمرة؟ ماذا ترى؟
شجرة التين: أرى في غرب الأفق – حيث تنطفئ النار – سحباً سوداء قادمة من بلاد الخير والحنين!
شجرة الزيتون : مطفأة الشمس ؟ أرض الخير…أرض الطيبة…إنها بلا شك أرض الزيتون…
شجرة التين: بل أقصد أرض الشهداء وأماكن التضحية وجبال الصمود.
شجرة الزيتون: يا فرحتي، سأنتعش بالمياه التي تتبخر من بين أوراق أخواتي في جبال القدس وسهل حبرون.
شجرة التين: لا تأخذ أفكارك بعيداً إلى عوالم منسية.
شجرة الزيتون: ويلك. أنت تقول المعالم المنسية. كيف نسيت؟ ومتى؟ هل تريدني أن أنسى الأقصى الذي هو قلب غابات الزيتون؟ لا، لن أنساه. أتمنى لو كنت هناك. ترفرف أوراقي فوق سطوحها، وأستظل في ظلها المصلي، وقد اتخذت وجهي ملاذا لها، ودموعها تسقي جذوري. هل تعتقدون أن أشجار زيتون القدس تعاني مثلي؟
شجرة التين: واو! ما أحلى كلماتك! ولكن أين تلك الأوراق التي سوف ترفرف، وسقطت منذ زمن طويل، مثل رجل عجوز؟
تساقط شعره الربيعي في الخريف انتظارا لفصل الشتاء. ثم كيف تطير؟ هل ستصبح هذه العصا التي تسندك حتى لا تسقط طيراً مثل السندباد؟ لقد أضحكتني، أقسم لك.
شجرة الزيتون: دعم الخير ليس سندا لي. ألا ترى كم ثقل حملي إلى حين، وكيف نسيت أعوادك اليابسة، وقد تشابكت وصعدت إلى الفضاء كأشباح المساء التي يسكنها البوم والغربان؟
شجرة التين: لا تفتخري كثيرًا، فكم من عيون الأطفال تسلقت سلم قمتي خلف ثمرة تين ناضجة؟
شجرة الزيتون: وأذكرهم أيضًا وهم يذكرونك بالحصى، ليهدموا رأسك ويسحقوا كبريائك. هل نسيت الحمامة التي تقطع العشب وفي فمها غصن مني تحمله رمزا للحياة من جديد؟ هل نسيت ما قاله الرشيد: من ملك أرض الزيتون…؟
شجرة التين: انتظر. مهلا، وإن فيه ذكرا لأولي الألباب… فقد عرضه علي خيار المتكلمين، وقال: التين والزيتون
شجرة الزيتون: أرى أنك نسيت قواعد النحو. حرف “الواو” يعني المشاركة. هل تذكر؟؟؟
شجرة التين: ما عار عليك! يا له من عار عليك! لقد هزمتني، لكن ألا يكفيني أن أكون فخوراً؟ اسمي مرتبط باسمك، وجذورنا متصلة مثل الأيدي.
فلننتظر أيها العشاق يوما يحمل بشرى، تحملها لنا الرياح، ولعله قريب، فالليالي مليئة بالأحداث، والصباح يتنفس وإن طلع القمر طويلا.
قصة الشجرة القبيحة
سعيدة وفخورة بمظهرها الجميل، ومن بين هذه الأشجار كانت هناك شجرة قبيحة، كانت أغصانها ملتوية بشدة، وكانت أغصانها مجعدة بشكل غير متساو، وكانت جميع الأشجار تسخر منها.
وكانت الأشجار تسألها دائمًا عن حالها بسخرية، فتقول لها: كيف حالك أيتها الأحدب؟ كانوا يضحكون بسخرية وبصوت عالٍ، لكن الشجرة لم ترفع صوتها أبداً على الأشجار الأخرى، وكانت تظن دائماً أنها ترغب في أن تصبح جميلة مثل الأشجار الأخرى، وتسأل نفسها لماذا خلقني الله بهذه البشاعة والقبيحة؟
وكانت تقول إنها ليست قبيحة فحسب، بل إنها عديمة الفائدة، فهي لا توفر الظل كغيرها من الأشجار، فلا يجلس المسافرون تحتها، كما أن أغصانها ليست مستوية ومعتدلة يمكن للطيور أن تبني عليها أعشاشها. . كانت تعتقد أن لا أحد يحتاج إليها.
وفي أحد الأيام، جاء قاطع خشب إلى الغابة، ونظر إلى الأشجار، وقال إن مظهر هذه الأشجار جميل وجميل، ويجب قطعها حتى يصنع كل هذا الخشب. وسرعان ما أمسك بفأس وبدأ في ضرب الأشجار وقطعها.
فشعرت الشجرة كلها بالرعب والخوف، وكان الرجل يقطع الأشجار، فأحدثت صوتًا مرعبًا. واحدة تلو الأخرى، بدأت الأشجار تتساقط، وبدأت الأشجار تقول: «سنُقطع جميعًا. لن ينجو أحد اليوم.” صرخت الأشجار الجميلة في رعب، ولم يتأخر قاطع الحطب في قتلها سريعاً.
وكان على وشك أن يقطعها، ولكن عندما رفع فأسه لاحظ أن الشجرة قبيحة وبشعة، وقال إن هذه الشجرة فاسدة ولن تنفعه في عمله أبداً. كانت جميع الأشجار التي قطعها ذات جذوع طويلة ومتساوية، ولم يستطع أبدًا أن يفسد مظهر بضاعته بهذه الشجرة.
ثم انتقل إلى الشجرة التي تليها ليقطعها، وترك الشجرة القبيحة. تنهدت الشجرة القبيحة بارتياح، وظنت أن الله خلقها قبيحة لسبب ما. وكان مظهره القبيح هو السبب وراء عدم قتله قاطع الخشب وبقائه على قيد الحياة.
لم يزعجها شكلها، وكانت سعيدة بأغصانها الملتوية وجذورها المتجعدة. ولم تنس الشجرة كيف نجت من الحطاب وفأسه، فقط لأنها كانت قبيحة، أغصانها ملتوية وجذورها مجعدة.
المغزى من القصة:
لا تعترض أبداً على حكمة الله. كل شيء خلقه الله لسبب، وسيتضح لنا عاجلاً أم آجلاً.
قصة شجرة العجائب
وبينما كان طارق يتجول بين أشجار الغابة الغريبة لاحظ من بعيد فتاة جميلة تدردش مع شجرة عجوز، فاختبأ بين الأشجار وهو يراقبها. وفجأة تحولت الفتاة إلى طائر من نور. وقف طارق مذهولا مما رأى، فامتطى جواده وذهب سريعا ليسأل الشجرة العجوز.
سلم طارق على الشجرة العجوز، فردت عليه وهي تبتسم. سألها طارق عما رأى، فأخبرته بسر شجرة العجائب التي يسكنها ثعبان كبير كان يسجن تلك الفتاة لفترة طويلة، منذ أن كانت طفلة صغيرة لسبب غير معروف.
تم القبض على طارق بعد أن شكر الشجرة القديمة وبدأ بتتبع طائر النور حتى وصل الطائر إلى شجرة العجائب، وظهرت أمامه بوابتها الضخمة. وبينما كان طائر النور مسرعا للدخول إلى الشجرة، صهل الحصان وثار، فهدأ طارق، ثم نزل منها وتحرك سريعا نحو البوابة ليدخلها قبل أن تنغلق بأغصانها. كثيرة ومتشابكة، وما أن دخل طارق إلى الشجرة حتى حل الظلام على المكان، ووقع طارق في فخ رهيب، إذ التفتت بعض أغصان الأشجار حول جسده. فبدأ الناعم يتصارع معه داخل الظلام.
عاد طائر النور إلى طارق، وظهر معه وجه وحش الشجرة الشرس. استل طارق سيفه وطعنه في رأس الوحش طعنة قوية فقتله وتكسرت عنه أغصان الشجرة. بمجرد أن ترك الوحش، ظهر له الثعبان الذي أخبرته عنه تلك الشجرة القديمة. كان ثعبانًا ضخمًا، نصفه العلوي حوالي نصف رجل، خرج من بين الجذور وكان يحمل في يده مطرقة حديدية، وبدأ بمهاجمة طارق بتلك المطرقة الحديدية محاولًا قتله، ولكن كان طارق يتفادى كل ضربات الثعبان بسرعة كبيرة وخفة حركة. فغضب الثعبان وبدأ في زيادة ضرباته محاولاً قتل طارق، لكنه تفادىهم جميعاً بمهارته. ثم أمسك بأحد أغصان الشجرة المعلقة وطار به نحو الثعبان وهو ممسك بسيفه، فطعنه في صدره فقتله.
وامتلأ المكان بالنور بعد موت الثعبان الرهيب، وظهرت روح الشجرة العجيبة، تناثرت منها جزيئات الضوء. وشكرت طارق لأنه أنقذها من هذا الوحش، فطلبت منه أمنية ستحققها له. طلب منها أن تعيد طائر النور إلى أصله، فحققت رغبته العزيزة وأعادت الطائر إلى فتاة. جميل جدًا.
أخرج طارق الفتاة من الشجرة وأخبرته أن الثعبان قد اختطفها منذ سنوات وحبسها ليتزوجها لكنها رفضت، فعطفت عليه روح الشجرة العجيبة فحررتها وحولتها إلى طائر الضوء الذي كان ينطلق كل يوم للتنزه بينما الثعبان نائمة، فظل طارق يستمع لقصتها في ذهول وهو يعود بها. إلى قريتها.