حوار بين الكتاب والهاتف، وكذلك حوار بين الكتاب والتلفزيون. وسنذكر أيضًا حوارًا بين الكتاب والطالب، وسنتحدث أيضًا عن حوار بين الكتاب والإنترنت، وكل هذا من خلال مقالتنا. تابعنا.
حوار بين الكتاب والهاتف
كان الكتاب جالسًا في زاوية بائسة من مكتبة أحد المنازل، يكاد يختفي تحت الغبار، وفجأة أحس بخيط من الضوء يقترب منه؛ فشعر بالسعادة وتساءل: ما هذا النور؟ وربما كان زائراً، وفي ذلك الوقت أصبح الضوء أكثر وضوحاً ليتمكن الأدباء من التعرف على مصدره؛ قال: آه.. إنه الهاتف، ولكن لماذا وضعه صاحبه بجواري وتركه؟!
فنظر إليه الهاتف بكل فخر قائلاً: لا أعلم لماذا أتيت إلى هذا المكان المظلم!
فابتسم الكتاب قائلاً: إنه ألمع مكان في هذه الحياة، أيها الهاتف الضعيف المغرور. فغضب الهاتف ثم قال: لست ضعيفاً. ألم تنظر إلى شكلي الجميل المضيء، وعن أي نور تتحدث وأنت هنا في مكان لا يرى النور؟!
تحرك الكتاب قليلاً وتنهد قائلاً: إذا فتحت هذه الصفحات التي احتفظت بها بين ذراعي منذ آلاف السنين؛ ستعرف من أين يأتي النور؛ فهو نور المعرفة الذي لا يتحقق إلا بالقراءة
ضحك الهاتف قائلاً بصوت ساخر: واضح أنك لا تعلم أن البشر قد استغنوا عنك أيها الغبي. أصبحت الهواتف مليئة بكل ما يرغبونه، حتى القراءة.
أمسك الكتاب وسأل: هل لديك كل المعلومات الموجودة في جميع الكتب، يا هاتف؟
أجاب على الهاتف بلهفة: نعم… بالتأكيد لدي كل المعلومات
قال الكتاب: لا أعتقد ذلك، وستؤكد ذلك بنفسك بعد قليل، لكن أخبرني، هل لديك القدرة على الاحتفاظ بكل شيء دون أن تفقده في أي وقت؟
أجاب على الهاتف بصوت متردد: نعم… لا شيء يمكن أن يختفي مني
وفجأة اهتز الهاتف قائلا بخوف: يا إلهي! ماذا يحدث بداخلي!
فضحك الكتاب قائلاً: يبدو أنك تفقد كل ملفاتك الآن أيها الهاتف الجاهل. من السهل أن تمحو التكنولوجيا ما تضعه في لحظة، وأنت لست الطريقة الأسهل أو الممتعة للقراءة؛ في الواقع، أنت تسبب ضعف البصر.
بدأت حركة الهاتف تتباطأ شيئاً فشيئاً، ثم قال: صدقت أيها الكاتب، لقد تمت إعادة تأهيل قسري لكل المحتويات التي كنت أحملها.
حوار؛ مد صاحب الهاتف يده وأخذ الكتاب. ثم مسح عنه الغبار وفتحه لينتفع ببعض محتوياته في إحدى الدراسات المطلوبة منه. ابتسم الكتاب بسعادة وهو ينظر إلى الهاتف. ثم نظر الهاتف إلى نفسه وقد كاد يموت من الحياة نتيجة ضعف البطارية: ها أنا ضعيف الآن وسأظلم بعد قليل. والحقيقة أن الكتاب قد انتصر.
حوار بين الكتب والتلفزيون
وكان الكتاب صديقا للإنسان قبل ظهور التكنولوجيا. تعود بداية معرفة الإنسان بالأجهزة إلى الراديو والتلفزيون، بعد أن كان يعتمد على الكتاب في أوقات فراغه. وفيما يلي سنعرض لكم حواراً بين الكتاب والتلفزيون:
التلفاز: أشعر بالسعادة عندما أجد أفراد عائلتي مجتمعين حولي وقلوبهم مليئة بالفرحة. واليوم أنا جليسة الأسرة.
الكتاب: نعم، إذا كنت صديق الأهل ورفيقهم، فأنا صديق ورفيق العلماء والمفكرين.
تلفزيون: طبعا لأنك اجتماعية أكثر مني، لكني موجود في كل بيت لأنني مسلية ولست مملة مثلك.
الكتاب: هل تجدني مملا؟ ربما، لكن من المستحيل أن يمل مني أي شخص عنده حكمة وفكر ومعرفة. ويمكنك أن تنظر إلى الكثير من المكاتب وترى هل يوجد بها تلفزيون أو إذا كان هناك الكثير من الكتب للعلم والاستفادة منها.
تلفزيون: كما أن لدي القدرة على تقديم الكثير من الأمور العلمية المفيدة.
الكتاب: ماذا تعرف عن الثقافات الغريبة التي تملأ شاشتك كثيرًا؟
التلفاز: أقدم الثقافة والمعرفة والعلوم بطريقة مبتكرة وحديثة.
الكتاب: بل تعرضه بطريقة غير لائقة أخلاقًا.
التلفاز: تريد أن تقول أنني عديم الفائدة وأنت الوحيد المفيد.
كتاب: كل شيء له إيجابيات وسلبيات، ولكن يجب أن نركز على الإيجابيات فقط قدر الإمكان.
تلفزيون: بالطبع أنت على حق، شكراً لك صديقي الكاتب.
حوار بين الكتاب والطالب
كتاب: أيها الطالب المجتهد لماذا نسيتني وهجرتني، وأصبحت الرفوف ملجأي وملجأي الوحيد، وأصبحت موطن الغبار والغبار حتى طمس عنواني وأصبحت جثة هامدة.
الطالب: تمهل أيها الكتاب، ولا تكثر من الشكوى. ألا تعلم أننا نعيش في عصر إلكتروني جعلنا نحصل على كافة المعلومات بسهولة وفي دقائق معدودة دون الحاجة إلى قراءة كتب كاملة كما في السابق، فلماذا أضيع وقتي في قراءتك؟
كتاب: عزيزي الطالب؛ يجب أن تكون على يقين من أنه إذا لم تأخذ الوقت الكافي لقراءتي؛ فكن على يقين أن وقتك سيضيع لا محالة، ولا فائدة لك منه. بل إنك تضيع وقتك هباءً دون اكتساب المعرفة الحقيقية، ولا تسعى إلا للحصول على المعلومات القصيرة التي تريدها دون قراءة المعلومات الأصلية.
الطالب: تقول ذلك لأنك لا تعرف ما هي التكنولوجيا التي جعلت كل العلوم تظهر على شاشة صغيرة جداً وجعلتني أحصل على كل المعلومات بشكل تكنولوجي إلكتروني أيضاً دون الحاجة إلى القراءة المطولة.
الكتاب: حتى لو حصلت على المعلومة من التكنولوجيا، تأكد أن المصدر والمصدر الرئيسي للمعلومات الأساسية الصحيحة هو الكتب فقط، فهي المرجع الأول لجميع العلوم، ولا يكون أي علم صالحاً دون الرجوع إلى كتبه الأساسية وكتابه. المراجع، ويجب أن تعلم أيضاً أنك تستطيع أن تجدني متى شئت دون التقيد بمكان أو زمان، في حين أن انقطاع خدمة الإنترنت لفترة قصيرة يفقدك القدرة على الحصول على أي معلومة، أليس كذلك أيها الطالب؟!
حوار بين الكتب والإنترنت
سار الكتاب ببطء نحو جهاز الكمبيوتر الموضوع بجواره ليراقب ما يحدث بداخله، وفجأة واجه أيقونات تتحرك يمينًا ويسارًا، تضغط على العناوين على الشاشة. فصرخ: ما هذا؟!
ولم يتوقع الكتاب أن يجد من يرد عليه؛ إنها الإنترنت التي تحدثت: أنا أملك العالم من حولي.
وتساءل الكتاب: هل يمكن لأي شيء أن يمتلك العالم؟ فالعالم بيد الله وحده
أجاب الإنترنت: أما سمعت أيها الكتاب المهترئ عن أهمية الإنترنت في هذا العالم، وكيف غيرت مجرى حياة الإنسان؟
ابتسم الكتاب: نعم أنت أيها الإنترنت غيرت مجرى الحياة، لكن لا تظن أن كل أعمالك إيجابية ومفيدة للإنسانية.
فغضب الإنترنت قائلًا: كيف هذا؟ أعطيهم كل شيء؛ بضغطة زر واحدة فقط، قد تجد العالم أمامك دون عناء
فهز الكتاب يمينًا ويسارًا، ثم قال: إنك قلت إنك تقدم كل شيء. ألم تسأل نفسك أن كل شيء يقع تحت كل الخطوط سواء سلبي أو إيجابي؟
تنهد الإنترنت متسائلاً: ماذا عنكم أيها الكتاب؟ ما هي مصلحتك في الحياة؟ مكانك الآن وسط التراب وليس بين الناس
وتمسك الكتاب قائلا: أنا الذي زود العلم والمعرفة، أنا النور الذي ينير الطرق، أنا الحياة الأخرى التي يعيشها الإنسان عبر التاريخ والتجارب، حتى لو رأيتني بين التراب؛ إنني أصعد إلى العلى بما أحتويه، وإذا كان لديكم المعرفة حقًا، ستعرفون كيف تحولت الإنسانية في حضوري إلى حالة أفضل.
قال الإنترنت بتحد: أعرف كل ذلك، لكن ما لا تعرفه هو أن المحتويات التي تتحدث عنها؛ إنه جزء صغير فقط من المحتوى الخاص بي. ألم أقل لك أن ضغطة زر واحدة تمنحك كل شيء؟
ابتسم الكتاب مرة أخرى: صدقت يا إنترنت. أعلم جيدًا أن لديك الكثير من محتوياتي، ولكن ليست كلها كما تدعي. كما أنني لا أتجاهل أهميتك في الحياة الآن، ولكنني لا أعترف أيضًا بأنك الأهم، ويجب أن تعلم أن الكتاب برائحة أوراقه هو أفضل رفيق للاسترخاء معه. بشر؛ فهي راحة للنفس والجسد والعين، على عكس أضواءك المرهقة، وقد تتوقف عن العمل لأسباب فنية في أي وقت بينما يبقى عملي متواصلاً دون انقطاع، هل تفهم الآن؟
ورد الإنترنت باستسلام: في الواقع أيها الكتاب، أنتم مهمون للغاية، وكلانا لا غنى عنه في الوقت الحاضر.
وفجأة انقطعت الكهرباء واضطرت شاشة الكمبيوتر إلى الانطفاء، وجلس الكتاب مبتسما بين يدي صاحبه، وهو يشعر بالانتصار.