دور الحكمة في العصر العباسي

دور الحكمة في العصر العباسي وما أهمية الحكمة ومفهومها الحقيقي من خلال هذه السطور التالية.

الدولة العباسية

الدولة العباسية أو الخلافة العباسية أو العباسيين هو الاسم الذي يطلق على ثالث خلافة إسلامية في التاريخ، وثاني سلالة حاكمة إسلامية. وتمكن العباسيون من إزاحة الأمويين عن طريقهم والمطالبة بالخلافة وحدهم. فقضوا على تلك السلالة الحاكمة وطاردوا أبناءها حتى قضوا على معظمهم، ولم ينج منهم إلا من لجأ إلى الأندلس، ومنهم عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن -الحكم، فسيطروا. في شبه الجزيرة الأيبيرية، وبقي في العقبة حتى سنة 1029م.

أنواع الحكمة

وتنقسم الحكمة إلى قسمين: حكمة نظرية، وحكمة عملية.
الحكمة العملية: هي معرفة أعمال الناس الاختيارية، كيف وبأي طريقة يتم التعرف عليها، وحسنها، ومرغوبها، وسيئها ومذمومها. والحكمة العملية هي معرفة ما يؤدي إلى إصلاح حياة الإنسان ومستقبله والعمل عليه، ومعرفة الأمور التي لها تأثير مباشر على العمل، كالطب والحساب والهندسة. تتفرع الحكمة العملية إلى الأخلاق وإدارة المنزل وسياسة المدينة.
الحكمة النظرية: وأما الحكمة النظرية فهي معرفة أحوال الأشياء كما تكون أو كما ستكون. وهذه الحكمة يكتسبها الإنسان بالفكر والدراسة والبحث، مثل معرفة أحوال الأجسام ومعرفة النجوم وأماكنها. والحكمة النظرية تعني ما حدث بالنظر. الحكمة النظرية تتحدث عن الوجود وما هو كائن، بينما الحكمة العملية تتحدث عن ما يجب وما يجب أن يكون. ومشكلاتها من نوع الجمل التصريحية.

شعر الحكمة في العصر العباسي

وقد عرفت الحكمة في شعر شعراء الجاهلية، لكنها توسعت بشكل كبير في العصر العباسي. ومن حكماء شعراء هذا العصر: أبو تمام، وبشار بن برد، وصالح عبد القدوس. وقد أثرت حركة الترجمة الواسعة في شعر الحكمة. ويلاحظ أن الشعراء العباسيين استوعبوا حكم اليونان والفرس وحكم كليلة ودمنة الهندية، وقد ترجم إلى الفارسية ثم ترجمها إلى العربية ابن المقفع فمثلوا كل ذلك في الشعر، و وأدخلوا بعضاً منه في أبياتهم. وما كادوا يصادفون كتب الأدب الكبير والأدب الصغير، التي نقل فيها ابن المقفع تجارب الفرس وحكمهم ووصاياهم في الصداقة والنصح والآداب، حتى بدأوا في إفراد مقتطفات منها تصويرهم على أنهم شعر. يقول بشار بن برد في أحد مدائحه:
وإذا وصل الرأي إلى النصيحة فاطلب المساعدة
برأي أو نصيحة حازمة
ولا تجعلوا الشورى عبئا عليكم
وموضع الخوف نافع للقادمين
ويقال: كان في مكتب صالح
وقد ضرب ابن عبد القدوس مثلاً للأعاجم
وبدت حكمة العصور الأدبية السابقة متناثرة في قصيدة المديح أو الهجاء أو الرثاء أو حتى الغزال، لتختصر تلك التجربة في كلمة أو كلمتين من الحكمة خلال القصيدة. وأدرج زهير بن أبي سلمى في تعليقه شذرات من تجربته التي خدمت غرض القصيدة، وتميز شعر الحكمة العباسي بإفراد قصائد أو حكم كاملة. وفيها ينتقل الشاعر من عرش الشاعر العفوي إلى كرسي القافية يجمع فيه كل ما يتناسب مع وزنه وثامن معناه، ومنها قصيدة (ذات الأثول) لأبي العتاهية في حيث جمع العديد من الأمثال البليغة التي تصل إلى نحو أربعة آلاف مثل، ومن الشعراء الذين لهم قصائد كاملة في الحكمة صالح بن عبد القدوس، يقول:
يجمع المرء والزمن يفرق
ويستمر في الترقيع ويتم تمزيق الخطوبات
وله أن يعادي عاقلاً فهو خير له
من أن يكون لديك صديق أحمق
من أن يكون لديك صديق أحمق
يتم تأكيد الصديق من قبل صديق
وزن الكلمات عندما تتكلم هو فقط
ويبين عيوب أصحاب العقول المنطقية

أشهر شعراء الحكمة

اشتهر عدد كبير من شعراء الحكمة على مر العصور، ومن أبرزهم ما يلي:
-شعراء الجاهلية: ظهر في الجاهلية العديد من شعراء الحكمة، أشهرهم حاتم الطائي، وعمرو بن قميعة، والموال بن عدية، وسلمى بن ربيعة. الظبي.
-الشعراء المتشردين: وهم الشعراء الفقراء الذين لا مال لهم. ومن أشهرهم عروة بن الورد، وكان فاسقاً.
-الشعراء المخضرمون: هم الشعراء الذين عاشوا في الجاهلية والإسلام، ومن أبرزهم ربيعة بن مقرم الضبي، العباس بن مرداس، عمرو بن الأهتمم المنقري، قيس بن المنقري. وخاتم، والصحابيان حسان بن ثابت الأنصاري، وعمرو بن معد ياكرب.
– الشعراء الإسلاميون والأمويون: وهم الذين عاشوا في ظل الإسلام والخلافة الأموية، ومن أبرزهم الفرزدق، يزيد بن الحكم الثقفي، المقنع الكندي، قطري بن علي. – فجاعة، وعبد الله بن الزبير الأسدي.

الحكمة في العصر العباسي

الحكمة حقيقة إنسانية يعبر بها الكاتب عن وجهة نظره. إنه العدل والحلم وقول الحق المطلوب. الحكمة هي الفلسفة. ويمكن القول أن الحكمة أعم من الحكم. الحكمة حكم، ولكن ليس كل حكم حكمة. لقد تعرض العديد من الشعراء العرب على مر العصور لهدف الحكمة. وذلك لما عاشوه من ضيق الحياة ومرارة الأيام، فتكلموا بكلمات تحمل في طياتها عظة وإرشاداً لسامعيه. وقد أبدع الشعراء في فن الحكمة، واستمدوا معانيهم من إلهام الخيال والواقع الحي، فأعادوا للشعر بهجته وبهائه وحكمته. ومن شعراء الحكمة في العصر العباسي:
أبو تمام الطائي: يقول في شعره أنه لا يمكن أن ننسى الحبيب الأول مهما مرت علينا الأيام والسنين. ولا يعرف طعم الحب إلا من خلال لقاء الحبيب الأول، ولذلك تبقى ذكراه محفورة في القلب.
حرك قلبك أينما شئت
الحب للحبيب الأول فقط
كم عدد المنازل على وجه الأرض التي يعرفها الصبي؟
وشوقه الأبدي للوطن الأول
أبو نواس: في بيتيه يطلب أبو نواس من معلمه أن لا يكثر من لومه لأن ذلك يزيده بعدا وانحرافا، ويقول له إن من يدعي الفلسفة في علمه، فإنه لا يمكن لأحد أن يملك كل شيء العلم، فيقول:
لا تنسَ أن تلومني، فاللوم هو إغراء
فشفاني بما كان من الداء
فقل لمن يزعم أن له فلسفة في العلم
لقد حفظت شيئًا، وفقدت شيئًا
المتنبي: في الآية التالية يقول المتنبي أنه من السهل عليه أن يصاب بأي عيب في بدنه، ولكن لا يصعب عليه أن يتعرض عرضه أو عقله لأي ضرر:
من السهل علينا أن نؤذي أجسادنا
واستقبل أعراضنا وعقولنا

‫0 تعليق

اترك تعليقاً