مثل شعبي وقصته، ومن خلاله يتكشف أصل هذا المثل وأساسه من خلال المثل وقصة المثل.
مثل شعبي وقصتهم
وهذا يعني مثلًا معينًا شائعًا بين الناس. ولها قصة بدأ من خلالها ظهور هذا المثل وبدأ الناس يعرفونه فيما بينهم إلى حد كبير جداً.
قصة مثل (وإن لجهينة خبرا يقينا)
وترجع قصة المثل إلى القاضي والمؤرخ الأدبي حمد الحقيل الذي نشرها في كتابه “كنز الأنساب ومجمع الأدب”. تقول القصة أن رجلاً يقال له الحسين بن عمرو بن معاوية بن كلاب أحدث حادثة بين قومه، فخرج هارباً، فلقي رجلاً من قبيلة جهينة يقال له الأخنس بن كعب، واتفقا على ألا يلتقيا بأحد دون أن يسرقاه، وكلاهما غاب عن إنذار صديقهما، فعلما أن رجلاً من لخم قد جاء من بعض الملوك. وبالغنائم ذهبوا يبحثون عنه فوجدوه يخيم في ظل شجرة. وقدم لهم الطعام فنزلوا وأكلوا وشربوا.
ثم ذهب الأخنس الجهني في أمر خاص، فلما رجع وجد سيف الحسين مسلولا، والرجل اللخمي منقع في دمه، فاستل سيفه وقال للحسين: ويله أنت! قتلتم رجلاً حرم علينا دمه وطعامه وشرابه! فقال له الحسين: اجلس يا أخي جهينة، فقد تركنا هذا وأمثاله. ثم شغل الجهني الحسين بشيء، ثم وثب عليه فقتله، وأخذ متاعه ومتاع اللخمي، ثم رجع إلى قومه يرجع بماله. وتجد من يخبرها بأخباره، فقال الأخنس عندما رآها: (كالصخرة حين تسأل… في حيرة * وفي الذنب، وفي علمهم شبهات/ تسأل عن النفوس المحصنة) من كل فرقة * وعند جهينة خبر يقين / فمن سأل عنه فإني عندي * لسائله الحديث الواضح فلما تيقنوا فيما بعد أن الأخنس الجهني قتل الحسين، كما قال وهو ينشد، صارت آية الآية مثلاً كانت العرب تنتقده في معرفة الأخبار وصحتها.
قصة المثل الذي يقول ( مات الذين استحوا )
وهو من الأمثال والأقوال الشعبية التي تقال للسخرية والاستهزاء والاستهزاء بالمواقف المخالفة للعادات والتقاليد وقلة الحياء. وفي اللهجة المصرية يقال (الذين خافوا ماتوا)، وقصة هذا المثل أنه في أيام المماليك بمصر لم تكن في المنازل حمامات، وانتشرت الحمامات العامة، فقام جماعة من الناس ذهب بعيدا. ذهبت النساء إلى أحد الحمامات العامة، وحدث أن شب حريق في الحمام الذي ذهبن إليه، فخرجت أغلب النساء من الحمام عاريات. ولكن للهروب من النار، كانت بعض تلك النساء تخجل من الخروج عارية، وتفضل الموت، ومن هنا جاء المثل الذي يقول (مات من استحى) أو (من خاف مات).
قصة المثل “اختلطت الحامل بالحمقى”
ويضرب هذا المثل عند حدوث ارتباك وتشتت وعدم القدرة على التمييز بين الخير والشر في الأمور والتفريق بينهما، بسبب الجدل العقيم. قصة وأصل هذه الحكمة هي:
- وكلمة الحبيل تعني من يرمي الرماح في الحرب، والنابال هو من يرمي السهام في الحرب أيضًا. وقد تعني كلمة الحبيل الشخص الذي يقود الخيل والإبل بالحبال.
- ويحكى أنه عندما كان أحد رعاة الأغنام يفرق بين الأغنام التي في ضرعها لبن وتلك التي ليس في ضروعها لبن، لكي يبيع تلك الأغنام، كان يحدث أحيانا أن تختلط هذه الأغنام ببعضها البعض فيقول الراعي عن ذلك الموقف (اختلطت الحامل بالشاة). وكان عامة الناس يستخدمون الأمثال والأقوال الشعبية.
قصة المثل (عادت حليمة إلى عادتها القديمة)
ويضرب هذا المثل عند الإقلاع عن عادة سيئة غالبا، ثم العودة إليها مرة أخرى. هناك العديد من القصص، لكن الأكثر تداولا هي عن حليمة زوجة حاتم الطائي، التي اشتهرت بالكرم، والمعروفة ببخلها الشديد. وكانت تضع كمية قليلة جداً من السمن أثناء الطبخ، وأخبرها زوجها أن القدماء كانوا يقولون كلما وضعت امرأة ملعقة سمن في قدر الطعام زاد الله في عمرها يوماً. فبدأت بإضافة ملاعق السمن أكثر في طبخها، ولكن بعد فترة مات ابنها الوحيد، فتمنت الموت وبدأت تضع كمية أقل من السمن لتقصير عمرها. فقال الناس: عادت حليمة إلى عادتها القديمة.
قصة المثل (بين هناء ومانا ضاعت هناء)
نستخدم هذا المثال عندما نشعر بالارتباك والتردد بين أمرين، ونشعر بالتشتت والتوتر الشديد، مما قد يؤدي إلى فقدان شيء ما بالكامل. يحكى أن أميرًا – أو رجلًا عاديًا – تزوج بامرأتين، الأولى اسمها “حنا” والأخرى اسمها “مانا”. كان حنا صغيرا في السن ومانا كانت كبيرة في السن. وعندما ذهب إلى غرفة هناء بدأت بإزالة الشعر الأبيض من لحيته حتى لا يظهر شعره الرمادي. إذا ذهب إلى غرفة مانا، فإنها تزيل الشعر الأسود من لحيته حتى يتحول إلى اللون الرمادي مثله. وظل الأمر على هذا المنوال حتى فسدت لحيته تماما، وخرج أمام المرآة غاضبا وقال: «بين هناء ومانا ضاعت لحانا».
قصة المثل (اللي ما يعرف يقول عدس)
وأبرز المواقف التي يقال فيها هذا المثل هي مواقف “الولد” والتأليف، وهي كثيرة هذه الأيام. ويعتبر المثل كناية عن التأليف والتحدث دون معرفة مسبقة. وهو مثل مصري شائع. يعود أصلها إلى تاجر من العصور القديمة كان يبيع العدس والفول والبقوليات، فهجم عليه لص. سرق أمواله وهرب، فركض التاجر خلفه، فتعثر اللص في «جوال العدس»، فسقط الكيس وتناثرت محتوياته. فلما رأى الناس الكيس كان العدس منثورا. ظنوا أن التاجر يلاحق السارق من أجل «شوية عدس»، وألقوا باللوم على هذا التاجر. وقال التاجر في هذا الموقف: «من لا يعرف فليقل عدساً».