مفهوم الاجتهاد الفقهي، وسنتحدث عن أركان الاجتهاد، شروط الاجتهاد عند الأصوليين، الاجتهاد في السنة النبوية، كل هذه المواضيع تجدها في مقالتنا.
مفهوم الاجتهاد الفقهي
1- الاجتهاد اسم جهد، وهو مصدر الجهد كمنفعة، والجهد كحل، وهما من المصادر الثلاثية والأصل اللغوي لكلمة جهد فسره ابن فارس حيث قال : «جيم وها ودال أصلها المشقة، ثم تؤول إلى مثلها: بذلت نفسي واجتهدت، والجهد: الطاقة؛ قال الله تعالى: ” والذين لا يجدون إلا جهدهم “. [التوبة: 79]وقيل: الجهد هو اللبن الذي يخرج زبده، ولا يكون ذلك إلا بجهد ومشقة. قال الشماخ:
2- الجهد هو جهد الإنسان من مرض أو أمر عسير، فهو جهد، وجهد: مع الزيادة، وهذا المعنى يفيد أيضاً على قول الليث وأبي عبيدة، وقد اجتهدت مع فلان و-. ف: بلغت إلى معسره، والجهدان: من ابتلي بجهد؛ أي: المشقة، ومنه أيضًا ما جاء في حديث الأصلع والأبرص والأعمى: ((والله لا أثقل عليك اليوم شيئًا مما اتخذته لله))؛ أي: ولا أشق عليك، ومنها الجهاد، وهي أرض صلبة، وقيل: مستوية، ليس فيها تلال، وقيل: ليس عليها نبات، وقيل: الأرض القاسية، وقيل: أكثر الأرض وشرها، وجاهد الناس: بذلوا الجهاد في الأرض، ومنه قولهم مجازاً: اجتهدت رأيي، أي: أرهقته بالفكر، ومن هذا هو حديث معاذ بن جبل: (أجتهد في الرأي)
أركان الاجتهاد
1- نفس الاجتهاد
هو العمل والعمل الذي يبذل فيه المجتهد أقصى جهده للحصول على الحكم الشرعي من الأدلة الشرعية من الاستنباط والاستدلال والقياس وغير ذلك مما لم يرد فيه نص قاطع ودلالة، أو التي لم يكن هناك إجماع مسبق عليها. وقد سبق تعريف الاجتهاد، وسيأتي بيان نطاقه وشروطه لاحقاً.
2- الشخص المجتهد
وهو فقيه بالغ عاقل، تتوفر فيه شروط الاجتهاد، وله القدرة على استنباط الأحكام من نتائجها، وعلى شروطها التي ستأتي.
3- أنه مجتهد فيه
وهو الحكم الشرعي العملي أو العلمي الذي لا يوجد فيه دليل قطعي. والحكم هو وصف الحدث أو الواقعة، والحكم الشرعي هو تناول المسائل العقلانية التي لا تدعم الاجتهاد، ولأن الحق فيها واحد لا يتعدد، ولا يحتمل الاختلاف، والعملي هو. الذي يحتاج إلى عمل القلب أو اللسان أو الأعضاء والجوارح. وهو ما يدخل في كسب جرأة المكلف أو إحجامه، والعلمي هو ما يدخل في معرفة أصول الفرضيات التي يقوم عليها العمل، وعبارة “ليس هناك دليل قاطع” من أجل الخروج بأحكام ثابتة . بالأدلة القاطعة التي يحرم فيها الاجتهاد؛ لأن الاجتهاد ظن، والظن لا يقوي قرارا ولا ينقضه، مثل وجوب الصلوات الخمس، والزكاة، وصيام رمضان، والحج، وما اتفق عليه الأئمة، واتفق عليه الفقهاء فيما يتعلق بالواضح. أحكام الشريعة.
شروط الاجتهاد عند الأصوليين
1- أن يكون مسلماً
ويشترط في المجتهد أن يكون مسلماً، لأن الاجتهاد عبادة، والإسلام شرط لصحة العبادة، وهو أيضاً شرط لقبول الفتوى والاجتهاد، وليس شرطاً. لقدرة المرء على ممارسة الاجتهاد. وقد يكون الإنسان قادرا على الاجتهاد والاستنباط وهو كافر، لكن اجتهاده لا يضر. يقول الآمدي: الشرط الأول: أن يعلم وجود الرب، والصفات اللازمة له، والكمالات التي يستحقها، وأن يكون موجوداً لذاته، حياً، عالماً، قادراً، راغباً. ويتكلم، حتى يتصور أنه يوكل بالواجب، وأنه يصدق الرسول صلى الله عليه وسلم، وما جاء به من الشرع ينتقل بالمعجزات والآيات المبهرة. التي ظهرت عنده ليتحقق ما نسب إليه من أقوال وأحكام.
2- أن تكون باهظة الثمن
ويشترط في المجتهد أن يكون بالغاً عاقلاً، حتى يتمكن من فهم النصوص، واستنباطها، وتحقيق أهداف التشريع على الوجه الصحيح. ولا يفعل ذلك للمجنون، ولا لغير البالغ، لعدم اكتمال قواه العقلية التي يتم بها الفهم والتمييز. ولذلك فهو غير مكلف بالمهمة، ولا هي موجهة إليه. وقوله معتبر، ولأن النضج العقلي هو أساس الاجتهاد، ومن ليس مسؤولا ليس أهلا للاعتبار والاقتطاع…
3- أن يكون عادلاً
والعدل شرط لقبول فتوى العالم المجتهد والعمل بأقواله. ولا تقبل فتوى الفاجر، ولا يعمل بكلامه. العدل: قوة في النفس تمنع الإنسان من ارتكاب الكبائر والصغائر، كسرقة اللقمة، والرذائل المباحة كالبول في الطريق. والمراد: نوع الكبائر والرذائل المخلصة في واحدة، من غير حاجة. الإصرار على الصغير؛ لأنها تصبح كبيرة، وهي شروط لقبول الاجتهاد. فمن كان عادلاً اطمأن قلبه إلى تحقيقه، وأجهد نفسه في طلب الأدلة والاستدلال بها، وحرص على مرضاة الله. ومن لم يكن عادلا، ولو كان قادرا على الاستنباط، لم يقبل اجتهاده، لأنه غير مطمئن إلى ذلك. يقول الإمام الغزالي في المجتهد. ويجب أن يكون عادلاً ويتجنب الذنوب التي تشوب العدل، وهذا شرط لجواز الاعتماد على فتواه، فمن لم يكن عادلاً لا تقبل فتواه، ولا تقبل هو نفسه، وكأن العدل هو الشرط. لقبول الفتوى وعدم صحة الاجتهاد.
4- أن يكون ملماً بالكتاب
القرآن الكريم هو أساس الشريعة، فالمطلوب من المجتهد أن يكون عالماً بكتاب الله، وذلك أن يكون لديه معرفة باللغة التي يعرف بها معاني الآيات، وأن يكون مطلعاً عليها. ويفهم مفرداته ومكوناته وخصائصه، فيتمكن بذلك من تدبر القرآن والاستنباط منه.. ويكون أيضاً عالماً بالأسباب والمعاني المؤثرة في الأحكام. وجوانب دلالة اللفظ كالجملة والإحالة، والدلالة والضرورة، ومعرفة أنواع الألفاظ كالعام والخاص، والمطلق والمقيد، والعامة والعامة، والمفسر، والمحكم، ونحو ذلك. ويجب أن يكون ملماً بأسباب النزول، والآيات المنسوخة والمنسوخة، من حيث مواقعها، لا أن يجمعها ويحفظها، كما جمعت وخصصت. وكذلك لا يشترط للمجتهد أن يكون حافظاً للقرآن الكريم. بل يكفيه أن يكون ملماً بآيات الأحكام من حيث معناها ومواضعها، حتى يتمكن من الرجوع إليها عند الحاجة. ولكن لا بد للمجتهد أن يكون لديه فهم عام لمعاني القرآن كله، حتى يكون فهمه وأخذ أحكامه صحيحاً.
الاجتهاد في السنة النبوية
1- أشار إلى أن نصوص السنة النبوية بعضها له دلالة قطعية، وبعضها دلالة ظنية، ومن أمثلة نصوص السنة التي دلالتها قطعية ما رواه ابن كثير. وعن عمر رضي الله عنهما قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد». ، ال الحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين. ويجب أن يؤديها قبل أن يخرج الناس إلى الصلاة». رواه البخاري (1503) ومسلم (984).
2- وذكر أن أهمية النص على فرضية زكاة الفطر واضحة في الحديث المتفق عليه السابق، ولهذا السبب لم يختلف أحد من العلماء على فرضية زكاة الفطر، مضيفا أن أحدا من أوضح أمثلة نصوص السنة ذات الأهمية المفترضة وأشهرها ما رواه البخاري (904) ومسلم (1770) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه. قال: عن عبد الله، قال: دعا لنا. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خرج من الفصائل: «لا يصلي أحد صلاة العصر إلا في بني قريظة». كان الناس يخشون أن يفوته. فصلوا حينئذ دون بني قريظة، وقال آخرون: لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن فات الوقت. قال: ولم يعنف أحداً من الفريقين.