من هم شعراء النقائض

من هم شعراء المتناقضات، وما هو مفهوم مصطلح المتناقضات، وما تعريفه في الشعر والأدب، كل ذلك نوضحه في السطور التالية.

الأضداد

الأضداد هي قصائد ساخرة حدثت في العصر الأموي بين جرير والفرزدق، حيث مدح كل منهما نفسه وذم الآخر بأشعاره، مع الالتزام بوزن القصيدة المذمومة وقافيةها.
فن التناقضات

التضاد فن شعري في العصر الأموي. ويمثل الصراع الأدبي بين الشعراء. والنقيض في الشعر أو التناقض هو تفنيد الشاعر الآخر لما قاله الأول، والنقيض يجمع التناقضات. وهو مأخوذ من جذر “إبطال” أي “إبطال البناء” أي هدمه، و “إبطال الحبل” أي حله.
والنقيض قصيدة يرد فيها الشاعر على قصيدة لشاعر خصمه، فيستنكر فيها معانيها، ويهجوه بها، ويمدح نفسه. والنقيض عادة ما يكون من نفس البحر الشعري الذي نظمت عليه القصيدة الأخرى وبنفس حرف السرد.
يدور التناقض حول موضوعين رئيسيين: السخرية والفخر. ويكون الهجاء بالهجاء بالشاعر الآخر وقبيلته ونساء هذه القبيلة. وأما الكبرياء فإن الشاعر مع عكسه يفتخر بنفسه وقبيلته.
وإذا نظرنا إلى هذه القصائد نجد أن مؤلفيها ومتلقيها لم يأخذوها على محمل الجد، وإلا لكان ذلك كافياً لإراقة الدماء.
تعريف التناقضات

وعندما ظهرت الأضداد كانت نوعا جديدا من الأدب العربي ظهر على شكل مناظرات أدبية. كما كان لهذا اللون دور كبير في تسجيل تاريخ العرب وخصائصهم وأنسابهم وعاداتهم وتقاليدهم، وكل قصصهم. وكان لهذا النوع الأدبي دور كبير في الإثراء اللفظي للغة العربية في ذلك العصر. الدولة الأموية وامتد نفوذها إلى بقية العصور.
المتضادات في اللغة

وهي كلمة جمع في المفرد مقابل، ولها معاني كثيرة، لكن معناها في هذا المجال تناقض في القول، أي الكلام على خلاف المعنى.
تناقضات في المصطلحات

وهو هجاء شاعر لشاعر آخر بأن يفتخر بنفسه وبقومه بعبارة معينة وقافية معينة، فيرد عليه شاعر آخر بنفس العبارة والقافية بقصيدة مقابلة يلغي فيها كبرياء الشاعر الآخر ويهجم عليه. فخور بنفسه وبنسبه. ومن أمثلة ذلك هجاء الأخطل لقبيلة بني كليب من جرير، وكان يفخر بتلك القصيدة. وفي قبيلة بني ذرم قبيلة الفرزدق في القصيدة التي أثنى فيها عبد الملك بن مروان قائلا:

وأما كليب بن يربوع فلا دخل لهم ولا موارد حين يفترقون
فيتخلفون، ويقضي الناس أمرهم وهم غيب وعميان ما داموا مبصرين
ورد عليه جرير بالأبيات التالية:

وأرجو من تغلب إذا اضطرب أمرهم أن لا يبارك في أمرهم الذي خططوا له. سيصاب بنو تغلب بخيبة أمل، لأن فشلهم دخل إلى حوض الشرف. والحقيقة أن المجد قادم.
وجاءت القصيدتان لتتحدثا عن موضوع واحد وهو الهجاء. كما نظمت الأبيات في بحر البسيط، وتشابهت قوافي القصيدتين، ونُظمت الأبيات بمعاني الذل والهوان.
ومن هنا يمكن القول أن الشعر المضاد هو القصائد الساخرة التي تبادلها الشعراء الأمويون جرير والفرزدق، حيث يمدح أحدهما نفسه ويفتخر بها، ثم يهجو الآخر ويذمه بقصيدة، فيرد الآخر بقصيدة. قصيدة مقابلة من نفس الوزن والقافية، وهو يفتخر بنفسه ويهجو الآخر ويحط من شأنه في المقابل.
خصائص المتضادات

إن الخصائص الشعرية واللغوية والمحتوى الأدبي وطريقة الصياغة والأسلوب وغيرها، كلها ما يميز فنون الشعر عن بعضها البعض ويعطي طابعاً خاصاً لكل فن عن الآخر. وفيما يلي ذكر مختصر لخصائص شعر المتناقضات:
الأسلوب: اعتماد الأسلوب الساخر والفكاهي في بناء التباين، وهذا لا يدل إلا على افتقار الملكة العربية إلى العقل المنفتح، كما اعتمدوا فيه الهجاء الفاحش واللغة القاسية.
حجم التباين: يتميز التباين الواحد بطوله؛ ولم يقتصر الأمر على السخرية فقط، بل شمل الأخبار السياسية للقبيلة، بالإضافة إلى التفاخر بالخلفاء وذكر فضائلهم.
المقدمة: يبدأ جرير نقيضه بمقدمة ساخرة، في حين يبدأه الأخطل بمقدمة خمرية، بينما يبدأ الفرزدق نقيضه بالهجاء دون مقدمات.
المادة الثقافية: يمكن اعتبار التناقضات مصدراً غنياً يعرض ثقافة القبائل العربية وشخصيتها ومعاركها وأمجادها فيها. وأشاد جرير بفرسان تغلب ويتاب لانتصاراتهم.
أشهر شعراء التناقضات

لقد ألف فن التناقضات شعراء كثيرون، لكن أهم رواده وشخصياته في التاريخ هم ثلاثة من الشعراء الأمويين الذين تنافسوا فيما بينهم ليصنعوا شعرا عظيما أخذ مكانه في كتب الأدب. وفيما يلي نبذة مختصرة عن أشهر شعراء التناقضات:
جرير: هو أبو حضرة جرير بن عطية الكلبي اليربوعي. ويعود نسبه إلى بني تميم. ولد بنجد سنة 33 هـ وتوفي بها. واشتهر بالهجاء والمدح والغزل. عاش فقيرا وتعلم الشعر من جده. وقد أتطوع به في الدفاع عن قبيلته ومناظرة شعراء عصره. وارتبطت خبرته في المصادر بالشاعرين الفرزدق والأختل.
الفرزدق: هو أبو فراس، همام بن غالب بن صعصعة الدارمي. ويعود نسبه إلى بني تميم. ولد بالبصرة سنة 38 هـ وتوفي بها. ولقب بالفرزدق لشدة وجهه وقسوته. ويعتبر أبرز شعراء العصر الأموي. وارتبط بأشراف وأشراف قومه.
الأخطل: هو أبو مالك، غياث بن غوث بن الصلت بن معد بن عدنان. ويعود نسبه إلى قبيلة تغلب. ولد سنة 19هـ بمنطقة تسمى الكويت حاليا، وتوفي بالبصرة. وكان نصرانيا، وكان يبالغ في مدح خلفاء بني أمية. وتجادل مع جرير. وكان الفرزدق مفتونًا بشعره.
تناقضات جرير والفرزدق

والتناقضات التي جرت بين جرير والفصداق هي أشهر ما نقله الرواة في هذا الفن، ومن الأمور التي وردت في هذا السياق بينهما ما يلي:
يقول الفرزدق:

الذي غلظ السماء بنى لنا بيتا أسسه أقوى وأطول، بيت بناه لنا الملاك، وما بناه حاكم السماء، فإنه لا ينتقل إلى بيت مثل زرارة ، الذي يحبه فناءه، ومجاشي، وأبو الفوارس نهشل.
فيجيبه جرير:

لقد أخزى من طامع السماء، وبنى بنيانك في الحفرة السفلى، بيتا سيحرق وجودك بفنائه، وتدنيس مقاعده، ومدخله السوء. قتل الزبير وأنت جالس في المنام. اللعنة على حبك الذي لم يتم حله.
شعراء التناقضات
الشاعر الفرزدق

وهو شاعر يعود تاريخه إلى العصر الأموي، واسمه (همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي)، ويلقب بـ (أبو فراس)، وسبب تسميته بالآل. – والفرزدق هو لعبوس الوجه وكبر حجمه، ومعنى الفرزدق رغيف. ولد الفرزدق في بلدة كاظمة بني تميم في العراق. والفرزدق مشهور بشعره. شعر الفخر، والمدح، وشعر الهجاء. والفرزدق هو أحد شعراء العراق الأولين، ويعتبر من أشرافه. واشتهر قومه وأسيادهم من بني تميم الفرزدق بالتناقضات التي جرت بينه وبين جرير لمدة نصف قرن. وكان يتنقل بين الولاة والأمراء فيلقي فيهم أشعار المدح، ويهجو بهم، ثم يمتدحهم. توفي عن عمر يناهز 110 سنوات، وحزن عليه جرير. ويقال أنه لولا الفرزدق لاختفي ثلث اللغة العربية، كما أحيا هناك كلمات كثيرة في اللغة العربية اختفت مع مرور الزمن، ويتميز الفرزدق بجرأته وصراحته. هناك قصة حدثت مع… الفرزدق، وهي عندما ذهب هشام بن عبد الملك إلى الحج هو وحاشيته ومعهم الفرزدق، إذ كان البيت الحرام مكتظاً بالحجاج فلم يتمكن هشام من ذلك. ليطوف، فجلس ينتظر دوره، وفي أثناء ذلك جاء علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (زين العابدين) فأفسح له. فجدف الحجاج صفوفا حتى وصلوا إلى الحجر الأسود. فلم يعجب ذلك هشام بن عبد الملك، فقال: من هذا؟ ورد عليه الفرزدق بقصيدته الشهيرة وهي: هذا الذي يعرف الحمام خطواته: والبيت يعرفه، والحلال والحرام.
الشاعر جرير

هو أبو هرزة جرير بن عطية بن حذيفة الخاطفي بن تميم. وهو أحد شعراء العصر الأموي وينتمي إلى قبيلة تسمى قبيلة كليب اليربوعية. وكان الشاعر جرير من أشهر شعراء عصره. ولد بمنطقة اليمامة وتوفي بها. وكان يكافح ويتحدى العديد من شعراء عصره. ولم يبق أمامه إلا الشعراء الفرزدق والأختل. وكان جرير عفيفاً، وكان من أكثر الشعراء الذين كتبوا الشعر. كان والد جرير فقيرا وأمه تقرأ الشعر، ولد جرير وعمره سبعة أشهر. نشأ في اليمامة وتعلم الشعر في سن مبكرة من جده. ومن مؤلفات جرير كتابه (نقيض جرير والفرزدق).

‫0 تعليق

اترك تعليقاً