عن الشاعر محمود درويش. وسنتعرف أيضًا على كيف مات محمود درويش وما نوع الشعر الذي يكتبه محمود درويش؟ كل التفاصيل في هذه السطور التالية.
عن الشاعر محمود درويش
محمود درويش شاعر فلسطيني معاصر، ومن أبرز الشعراء العرب في القرن العشرين. ولد في 13 مارس 1941 في قرية البروة في فلسطين، التي دمرتها القوات الإسرائيلية في حرب 1948، مما دفع عائلته إلى الهروب واللجوء إلى لبنان لفترة قبل أن يعود إلى فلسطين سرا.
ويعتبر درويش شاعر القضية الفلسطينية، إذ ربط شعره بين النضال الوطني والتجربة الإنسانية. عرف بقدرته الاستثنائية على تحويل المعاناة واللجوء إلى شعر يحتوي على الألم والحنين والحب للوطن. ومن أشهر قصائده «سجل أنا عربي» التي تعبر عن الهوية الفلسطينية والصمود، و«على هذه الأرض ما يستحق الحياة» التي تجمع بين الأمل والمقاومة.
وكانت حياته مليئة بالحركة والنفي، حيث تعرض للسجن عدة مرات بسبب مواقفه السياسية وشعره. عاش في عدة دول عربية وأوروبية منها مصر ولبنان وتونس وفرنسا. شغل العديد من المناصب الثقافية، منها رئيس تحرير مجلة “الشؤون الفلسطينية”، وكان عضوا في منظمة التحرير الفلسطينية.
وتميز شعره بمزجه بين اللغة الرومانسية والرمزية السياسية، حيث عبر عن آلام الشعب الفلسطيني وآماله في العودة والتحرير. حصل درويش على العديد من الجوائز الأدبية، واعتبر أيقونة ثقافية ليس فقط للشعب الفلسطيني، بل للعالم العربي كله.
توفي محمود درويش في 9 أغسطس 2008 في الولايات المتحدة بعد عملية جراحية في القلب، ودفن في رام الله بفلسطين. وترك وراءه إرثا شعريا عظيما يضم أكثر من 30 ديوانا شعريا وعددا من الكتب النثرية.
ما نوع الشعر الذي يكتبه محمود درويش؟
يكتب محمود درويش الشعر الحر، أو شعر التعفيع، وهو نوع من الشعر يعتمد على نظام التعفيع دون الالتزام بالقافية والوزن التقليدي الصارم الذي نجده في الشعر العمودي. ويتميز شعر الطفيلة بمرونته في تشكيل القصيدة مما يتيح للشاعر التعبير بحرية أكبر عن أفكاره ومشاعره.
يتميز الشعر الذي يكتبه درويش بعدة خصائص:
الرومانسية والرمزية: شعر درويش مليء بالصور الرمزية والمشاعر العميقة. يستخدم اللغة بطريقة مجردة لتجسيد معاني تتعلق بالحب والوطن والهوية.
الشعر الوطني: كان درويش شاعراً ملتزماً بالقضية الفلسطينية، إذ تناول في قصائده قضايا اللجوء والمنفى والمقاومة والهوية الوطنية. وتعتبر قصائده وسيلة لنقل معاناة الشعب الفلسطيني وتاريخه، وتحمل رسالة سياسية واجتماعية.
الشعر الوجودي: إلى جانب الشعر الوطني، تناول درويش في شعره قضايا إنسانية وجودية تتعلق بالموت والحياة والحب. عبرت قصائده عن تساؤلات حول معنى الوجود والمصير.
الخلط بين الخاص والعام: في كثير من الأحيان، يمزج درويش تجربته الشخصية مع تجارب شعبه، مما يجعل شعره يتأرجح بين الخاص والعام، ليصبح صوتاً جمعياً يُعبِّر عن مشاعر الكثيرين.
أسلوبه في كتابة الشعر الحر جعله رائدا في تحديث الشعر العربي، حيث منحه هذا الشكل التعبيري القدرة على التنويع والابتكار، مما جعله شاعرا ذا تأثير واسع ليس فقط في فلسطين، بل في العالم العربي.
ما هي أهم أعمال محمود درويش؟
كتب محمود درويش العديد من الأعمال الشعرية والنثرية التي أثرت بشكل كبير في الأدب العربي الحديث. ومن أبرز أعماله:
الأعمال الشعرية:
- «أوراق الزيتون» (1964): ديوانه الشعري الأول، وهو ديوان يعبر عن بداية ارتباطه بالقضية الفلسطينية والشعور بالغربة بعد النكبة.
- «عاشق من فلسطين» (1966): من دواوينه الشعرية الشهيرة، تناول فيها موضوع الوطن وحب فلسطين.
- «سرير الغريب» (1999): مجموعة تعبر عن تجارب درويش الشخصية والفكرية، وتمزج بين الألفة والفلسفة الوجودية.
- «أحبك أو لا أحبك» (1972): من الأعمال التي تتميز بالطابع الرومانسي في بعض جوانبه، وهي جزء من تنويعاته الشعرية.
- «مديح الظل العالي» (1983): قصيدة طويلة كتبت بعد حصار بيروت، وهي من أهم الأعمال التي تسلط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني ومقاومته.
- «تأثير الفراشة» (2008): من أحدث مجموعاته الشعرية، ويتميز بالعمق الفلسفي والتأمل في الوجود والحياة والموت.
- «الجدارية» (2000): تعتبر من أعظم أعماله. وهي قصيدة طويلة تتناول فكرة الحياة والموت والوجود. كتبها بعد تجربته مع المرض وإجراء أول عملية جراحية في القلب، وعبّر فيها عن مواقف إنسانية وفلسفية عميقة.
- “لا تعتذر عما فعلته” (2004): تعكس هذه المجموعة مزيجًا من الأفكار حول القضايا الإنسانية والوطنية والشخصية.
- «في حضرة الغياب» (2006): نص نثري يحمل روح الشعر، ويعكس فلسفة درويش في الموت والفقد.
- «كزهر اللوز أو ما بعده» (2005): مجموعة تعبر عن رؤى فلسفية عميقة، تعتمد على الأسلوب الشعري الرمزي والمجازي.
أعمال النثر:
- «ذاكرة للنسيان» (1987): كتاب نثري ذو طابع شعري، يحكي فيه درويش عن يوم أثناء حصار بيروت عام 1982، ويتناول فيه قضايا الوجود والحرب والحب.
- «في حضرة الغياب» (2006): كتاب نثر فلسفي مليء بتأملات في الموت والحياة، من تأليف درويش شعرياً.
- وتعبر هذه الأعمال عن مراحل مختلفة من حياة درويش، حيث تنوعت موضوعاته بين الوطن والحب والفلسفة والموت، مما جعله أحد أهم الشعراء العرب المعاصرين.
ما قصة الشاعر محمود درويش؟
قصة الشاعر محمود درويش هي قصة شاعر فلسطيني ربط حياته وإبداعه الفني بالقضية الفلسطينية، فجسد من خلال شعره آلام ومعاناة الشعب الفلسطيني، مع تأملات عميقة في الحياة والحب والهوية .
- الطفولة والتربية:
ولد محمود درويش في 13 مارس/آذار 1941 في قرية البروة الفلسطينية التي دمرت أثناء النكبة عام 1948. واضطرت عائلته إلى النزوح إلى لبنان حيث عاشوا لاجئين لفترة قصيرة قبل أن يعودوا سرا إلى فلسطين. بعد إعلان قيام دولة إسرائيل. وعند عودتهم، وجدوا أن قريتهم قد دمرت وتم بناء مستوطنة إسرائيلية على أنقاضها، مما اضطر الأسرة إلى العيش في قرية أخرى كلاجئين في وطنهم.
- بداية مسيرته الشعرية:
نشأ درويش تحت الاحتلال الإسرائيلي، وبدأ بكتابة الشعر في سن مبكرة. نشر أولى قصائده وهو في السابعة عشرة من عمره، وسرعان ما ذاع صيت صوته الشعري بين الفلسطينيين والعرب. اشتغل بالعمل الصحفي وكان ناشطا سياسيا في صفوف الحزب الشيوعي الإسرائيلي. وبسبب نشاطه السياسي والشعري المناهض للاحتلال، تعرض للسجن عدة مرات من قبل السلطات الإسرائيلية.
- مرحلة النفي:
وفي أوائل السبعينيات، غادر درويش فلسطين بعد أن شددت السلطات الإسرائيلية الخناق عليه، وانتقل إلى القاهرة، ثم إلى بيروت، حيث انضم إلى منظمة التحرير الفلسطينية. عاش في بيروت فترة طويلة، وكان من أبرز الشعراء الذين وثقوا الحصار الإسرائيلي للمدينة عام 1982 من خلال قصيدته الشهيرة “مديح الظل العالي”. بعد غزو بيروت، تنقل درويش بين تونس وباريس، حيث واصل الكتابة والنشاط السياسي.
- العودة إلى فلسطين:
وبعد توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993، عاد درويش إلى فلسطين واستقر في مدينة رام الله. ورغم ذلك استمرت انتقاداته للوضع السياسي، ورفض بعض بنود الاتفاق رغم عودته، معتبراً أن الحل لا يزال بعيد المنال.
- المرض والوفاة:
وعانى محمود درويش من مشاكل في القلب، وخضع لعدة عمليات جراحية، أولاها في الثمانينات، ثم في عام 2008. وبعد العملية الأخيرة التي أجريت له في الولايات المتحدة، تدهورت حالته الصحية، وتوفي في 9 أغسطس 2008، ووري الثرى في مدينة رام الله، وشهدت جنازته. حضور شعبي ورسمي كبير.
- الجانب الشعري والفكري:
إن شعر محمود درويش يتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية، فهو لم يكن شاعرا للقضية الفلسطينية فحسب، بل شاعرا للإنسانية جمعاء. تناول في شعره موضوعات مثل الاغتراب والهوية والمنفى والحب والموت. وتميز بقدرته على تحويل التجربة الشخصية إلى تجربة جماعية، حيث ربط آلامه الشخصية بألم الشعب الفلسطيني.
وتعد قصيدته “سجل أنا عربي” من أشهر أعماله التي جسدت رفضه للاضطهاد والاحتلال، فيما تعبر قصائد مثل “الجدارية” عن تأملاته في الحياة والموت. كما أن قصيدته “في هذه الأرض ما يستحق الحياة” تعكس نزعته الإنسانية وقدرته على الحفاظ على الأمل رغم المعاناة. - تراثه:
ترك محمود درويش إرثا أدبيا ضخما يضم أكثر من 30 ديوانا شعريا وعددا من الكتب النثرية، ونال العديد من الجوائز الأدبية العربية والعالمية. ويعتبر أيقونة ثقافية فلسطينية وعربية، ولا يزال شعره يحظى بالدراسة والقراءة على نطاق واسع، سواء في الوطن العربي أو خارجه.