الأمثال العراقية القديمة وقصتها. قد يعرفها البعض والبعض الآخر لا يعرفها، ومن خلال هذا المقال نسلط الضوء على أهم الأمثال العراقية القديمة وقصتها.
مفهوم المثل
وهي مقولة مشهورة عن تجربة الشعوب مأخوذة من السلف. وهي حادثة يقال فيها قول نتيجة تكرار حدوثه مع الأفراد. إنها قصة مصورة في بضع كلمات بمفردات سهلة الفهم يفهم معناها كل من يسمعها.
الأمثال العراقية القديمة وقصتها
قصة المثل الشعبي: الحمامة غراب
يستخدم هذا المثل للاستعلام عن نتائج مسألة معينة. ويروي “حمامة الغراب” وقصته:
ويقال في قصة الطوفان أنه عندما رست سفينة نوح (عليه السلام) على جبل الجودي، أرسل نوح (عليه السلام) “غراباً” ليأتيه بحبر الماء. وفي طريقه وجد الغراب جثة، فوقع عليها وبدأ يأكل منها، تاركاً ما أرسل إليها، ولهذا سمي “كالخاطئ”، ولما نوح (عليه السلام) له) أمسك به، فأرسل وراءه “حمامة”. عادت وهي تعض غصن شجرة بطين أحمر، فدعا لليمامة “بركة” والطوق الذي ورثها عنها أولادها، فاستجابت لدعائه.
وقال الشاعر في هذا الصدد:
مطوقين وملبسين الزينة… بدعوة نوح لها إذ دعا
وأما الغراب فذمه وقال له كلاما قاسيا.
تحدث عن إشباع حاجة أو نجاح بـ “حمامة”، وعن عدم إشباعها أو الفشل بـ “غراب”. وإذا بعث الإنسان في مهمة ثم عاد قالوا له ذلك. إذا قال حمامة معناه نجاحه في مهمته، وإذا قال غراب معناه فشله فيها.
قصة مثل أفضل شيء يمكنك القيام به هو كسر ساقها
جاء ضيف لزيارة رجل في بيته، فقدّم له الرجل الطعام والفاكهة والحلويات، وجلسوا معه يأكلون ويتحدثون. كان للرجل دجاجة كبيرة جاءت وتجولت في المنزل. وكان الرجل قد احتفظ ببعض الطعام في الزاوية، خوفاً من أن الطعام الذي يتناوله الضيف لن يكفيهم. فكانت الدجاجة تأتي إلى ذلك الطعام وتنقر عليه، فيطردها الرجل بالصراخ عليها: (كوش، كوش!). بعض الناس عادة ما يطاردون الطيور أو أشياء أخرى. لم تكد الدجاجة تبتعد قليلاً قبل أن تقترب من الطعام مرة أخرى وتلتقطه. ثم عاد الرجل فطاردها قائلا: كاش. ففاجأك الضيف وقال للرجل: «التالي معك؟». الدجاجة ظلت تجي وتروح وأنت في مكانك تصيح: كاش. والأفضل أن تأكله “كاش”. رجلها) فتعجب الرجل من حزم ضيفه وحسن تعامله مع الأمور، وذهب ذلك القول مثلا
قصة المثل بين حانة وبيت ضاعت حانته
كان لرجل زوجة اسمها هناء، وعندما كبرت أراد أن يتزوج امرأة أصغر منه. فتزوج من فتاة صغيرة جميلة، فتاة جميلة اسمها منة، وكان يعدل بينهما كما أمر الله عز وجل، فيبيت ليلة مع امرأة، وليلة مع مانا، دون أن يحرم أي منهما من حقها، وأراد كل واحد منهم أن يكون وحده. وكان حنا عندما يخلو بزوجته الأولى يأخذ بعض الشعر الأسود من لحيته وينتفه حتى تبيض لحيته، ويشعر أنه كبير في السن وفي سنها وأنه يجب أن يكون لها وحدها ولا واحد آخر. وإذا انفرد بزوجته الشابة مانا، نتفت بعض الشعر الأبيض من لحيته حتى تصبح لحيته سوداء، فيشعر أنه لا يزال شابا، وأنه ينبغي أن يخلو بها دون غيرها. وما زالت زوجتيه تفعلان ذلك معه حتى غابت شعرة لحيته مع الأيام ولم تبق منها شعرة.
ويشير إلى الشخص الكسول الذي اعتاد البطالة ويعيش معتمدا على الآخرين
أن رجلاً كان له ابن كسول، فكلما حاول إصلاحه وإرشاده ازداد كسلاً وتبلداً، حتى تعب الرجل وضجر ويئس من إصلاحه وسلم أمره إلى الله عز وجل. وفي أحد الأيام، قرر الرجل أن يرسل ابنه إلى مجمع طنبالة ليعيش بينهم ويصبح واحدًا منهم، حتى يرتاح ويرتاح. في ذلك الوقت، كان الطنبالي يعيشون في بستان كبير في إحدى ضواحي بغداد، حيث ينامون طوال يومهم. فإذا جاعوا أكلوا الرطب الذي سقط عليهم من النخل في البستان، وإذا عطشوا شربوا من ماء الساقية. ذهب الرجل إلى الشيخ الطنابلة وشرح له الأمر وسلمه ابنه الكسول. رحب شيخ الطنابلة بالطنبلة الجديدة وقال له: ((انظر أبي ذهب هناك لينام مع ساقية اليام.. وعندما تجد ياماً طازجاً من النخلة فكله، وإذا كنت عطشان اشرب من ماء الساقية.. ولا يطلب منك هنا أي عمل)). فاستلقى الصبي على الأرض، بالقرب من الساقية، منتظرًا سقوط النخلة بالقرب منه. وبعد قليل سقطت التمر بالقرب من رأسه، فلم يكلف نفسه عناء التقاطها ووضعها في فمه. قال بكلماته البطيئة المتثائبة: ((رحم الله والديه اللذين تركا التمر يشربان مع حلواتكم)). فسمع شيخ الطنابلة ما قاله طنبلة الجديد، فضحك منه واستدعاه إليه، وقال له: ((قوم ولك نفس لأبيك وقل له: أنا طنبلة)). ونصف، ولا أحتاج أن أعيش مع الطنبلة حتى أتعلم منهم)). ثم عرف الناس بقصة ذلك الغلام، فتعجبوا من كسله، وضحكوا من فعله، فقالوا عنه: “أكرم أبو الرطبة”، وصار ذلك المثل مثلا.
قصة مثل: جئت بالأسد لينساني، فكشف عن رأسه فخدعني
في أحد الأيام خرجت امرأة إلى السوق للقيام ببعض الأعمال. ولما انتهت أرادت العودة إلى بيتها، وكان معها ولد صغير لها، تحمله على كتفها. كان يبكي طوال الطريق دون سبب معروف، وكلما أرادت المرأة إسكاته وتهدئته، ذهبت جهودها أدراج الرياح. وبينما كانت تسير في أحد الأزقة وابنها ما زال يبكي وروحها تصل إلى قلبها، صادفت رجلاً يقف على جانب الطريق وفي يده شماغ لفه حول رأسه، فقامت فاقترب منه وقال له: ((رحم الله والديك… فلا تخيف هذا الولد… حتى يصمت!)). قال الرجل: على عجل.. أين هذا؟ . فأشارت إلى ابنها، فاقترب منه الرجل وأمسكه من كتفيه، ثم رفع الجرو عن رأسه، فأظهره أصلعاً! .. ثم خفض رأسه ووضعها أمام وجه الصبي وهز رأسه بعنف يميناً وشمالاً وصرخ بصوت أجش مقزز. تعثرت المرأة وسقطت على الأرض، ثم قامت وأخذت طفلها وهربت به قائلة: ((لقد أحضرت المقعد لينساني… فكشف رأسه وطرحني)). فشاع هذا الأمر بين الناس، فتعجبوا من غباوة الرجل وجهله، ومن بلادة المرأة وسوء سلوكها. ذهب هذا القول مثلا.