أهمية الأمثال والحكم في عصر الجاهلية. وفي هذا المقال سنتناولها ونعرّفها بعدة أشكال، وحالتها في عصر الجاهلية، وأسباب انتشارها، وصور ونماذج منها، وفيما تستخدم.
الأمثال والحكم في عصر ما قبل الإسلام وأهميتها
تعريف المثل في اللغة
الأمثال: هذه الأقوال تعرف بجمع الأمثال، وهي مأخوذة من قولنا: مثل الشيء ومثله، كما تقول مثله ومثله، لأن أصله التشبيه. وللعرب أمثال طيبة تركوها لنا تدل على عقليتهم أكثر مما يدل عليه الشعر والقصص. ولعل السبب في ذلك هو أن المثل يتناسب مع مزاجهم العقلي وهو نظرة جزئية موضوعية وليست نظرة جامعة شاملة. وليس من الضروري أن يتطلب المثل معرفة بالعلم أو بأمور الحياة.
تعريف المثل اصطلاحا
هي لوحة فنية مختصرة في الفناء تم إنشاؤها لتصوير موقف أو حادثة واستخلاص تجربة إنسانية يمكن استحضارها بشكل آخر مماثل، مثل: “الله في عون قاعد”، “إن السحالي في أرضنا تلجأ”، و”رجع مع أخي حنين”، و”احذر واسمع يا جارية”، و”هناك رب كلامه أقوى من قوته”.
ويمكن تعريفها أيضًا بأنها: جملة قيلت في مناسبة خاصة، ثم – لما فيها من الحكمة – ورد ذكرها في كل مناسبة مماثلة. ولكي تكون الجملة مثالاً، يجب أن تشتمل على الإيجاز، والتشبيه الجيد، والمعنى الصحيح، والاستعارة الجيدة.
مكانة الأمثال وحالها في عصر الجاهلية
وكما ذكرنا سابقاً، فقد عرفنا “الأمثال” بجمع “مثل”، وهي جملة من القول مقتطفة من الكلام أو مستعملة لذاتها، تنتقل مما ورد فيه إلى مثله دون تغيير. ومن أجل الاستشهاد به قد يكون لبعض الأمثال قافية متوازنة، مع أن ذلك ليس شرطا ضروريا. وتتميز هذه الجملة بأنها تلخص الموقف أو الحجة أو التعليق وتحله على أحسن وجه، وأنها قصيرة لا تتجاوز بضع كلمات، وأنها مفعمة بالحيوية، سلسة، حلوة الصياغة، و ماهر في التصوير . وهو متعدد الأبعاد، بحيث يتم معالجته وانتشاره على ألسنة الناس، وغالباً لا يخلو من موعظة أو نصيحة.
وزعم الكاتب العربي حنا الفاخوري أن الأمثال الجاهلية، كونها “كلام الناس على اختلاف طبقاتهم، كانت في الغالب غير مصقولة؛ كما في قولهم: أول ما خرج الضب قطع ذيله. (حنا الفاخوري / تاريخ الأدب العربي / 202)، وهذا حكم تعسفي لا معنى له ولا دليل عليه، وليس في عبارة المثل الذي ذكره ما يدل على التباطؤ أو الضعف في الصياغة على الإطلاق. بل ينطبق على إتقان الألفاظ العربية، وفي كتب النحو والصرف حديث عن هذا البناء، ويجد القارئ هذا البناء في نهاية الفصل على المبتدأ والمسند؛ وقد ذكر العلماء عدة حالات يجب فيها حذف الخبر، منها: إضافة الفاعل إلى المصدر العامل في الاسم المفسر على أنه ضمير له حال، وهو لا يصح خبرا، مثل: “أكثر من “الشاربون من السيقان ملتويون”، و”أخطر شيء عندما يكون الأمير واقفاً”، والمثل الذي بين أيدينا، وهو قريب جداً من المثال الأخير، كما نرى، إلا أن ما يتم هنا (وهو «إثمه» مفعول به متعد، والله أعلم.
عوامل انتشار الحكمة والأمثال في عصر الجاهلية
ساهمت عوامل وأسباب كثيرة في انتشار هذا الفن الأدبي بين العرب، ونالت الأقوال والأمثال شهرة كبيرة في عصر الجاهلية، حيث انتشرت على ألسنة الناس عموماً، وربما يعود ذلك إلى فصاحتها، فصاحة وتجارب كثيرة في الحياة تميّز بها العرب، ومن أبرز من قال أشهر الأمثال والأمثال في عصر الجاهلية: لبيد بن ربيعة، قيس بن سعيدةة، وامرئ القيس، وربيعة بن حضر، وعامر بن الدرب العدواني، وسهيل بن عمرو، وهرم بن قطبة الفزاري، وأكثم بن صيفي التميمي. ويمكن تلخيص أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار أشهر الأقوال والأمثال في عصر الجاهلية على ألسنة هؤلاء فيما يلي:[٢] البيئة الطبيعية التي تسود فيها الأمية والتي تكون فيها الحاجة كبيرة إلى تجارب تستخرج على شكل أقوال ذات معنى صادق. يرتبط المثل بحادثة أو قصة ساعدت على انتشاره. كثيرا ما تصاغ الأمثال بعبارة جميلة، مما يدل على دقة القياس بين مصدر المثل والمناسبة التي قيل فيها، بما يرضي الذوق العربي. انتشار الحكم على الألسنة بسبب اعتماده على التجارب البشرية على مر السنين، وإسقاطه على الحاضر والمستقبل.
صور ونماذج من الأمثال العربية في عصور ما قبل الإسلام
– تحت الرغوة الواضحة.
وضرب مثلا للأمر الذي ظهر حقيقته بعد أن خفي
– الجو خالي عليك فتحول إلى الأبيض والأصفر.
يضرب من يتركه وحده مع احتياجاته
– ربما لديك أخ لم تنجبه والدتك.
وضرب مثلا رجلا يساعد صديقه ويتدخل في سلوكه حتى أنه كأنه أخ لأبيه وأمه.
– في الصيف فقدت الحليب.
ويضرب مثلا من فقد شيئا ثم أراد تعويضه بعد فوات الأوان
– شخر الجمل.
ويضرب مثلاً بالرجل الضعيف الذي اختلطت الآراء في كلامه
– إعادة الماء بمياه أفضل.
ويضرب مثالاً في أخذ الثقة والحذر
– يا له من رجل نبيل!
وضرب مثلا رجلا معروفا أنه يبتلى في الأمور ثم يقع
– عدم إطاعة الأمر لفترة قصيرة.
وضرب مثلا بالرجل الخمول الذي يقول رأيا حكيما ولا يقبل منه
– تسمع عن المعيدي ولا تراه.
وضرب مثلاً من اشتهر أمره ولكن مظهره لا يدل على ذلك
-ما قاله حثم.
ويضرب مثلا رجل يصدق صديقه
– ويل لمن أحزنته الصحراء.
الضرب بسبب مشاركة الرجل السيئة مع صديقه
– ليس كل فاكهة سوداء ثمرة، ولا كل بيضاء فص.
ويضرب في حد الاتهام وعدم وضوح الأمر
بعض الأمثال تنسب إلى أشخاص مثل:
اغلى من كليب وثيل.
آكل من لقمان، وتمر من العرقوب.
أكرم من حاتم.
أشجع من ربيعة بن مكدام.
وأذكى من قيس بن زهير.