ما هي السعادة الحقيقية، وما هو مفهوم السعادة، وما هي طرق تحقيق السعادة سنتعرف عليها في هذه السطور.
ما هي السعادة؟
وهو سؤال كلاسيكي في الفلسفة ظهر مع بداية ظهوره ومازال يتم الإجابة عليه حتى الآن. أولا، يعتقد الفلاسفة أن هدف الحياة هو تحقيق السعادة، ولكنهم اختلفوا في طريق تحقيقها منذ القدم، لدرجة أن بعض فلاسفة عصر النهضة وما بعده قرروا أن السعادة هدف بعيد المنال، بل هي هدف لا يمكن تحقيقه. الوهم الذي يبقي الشخص على قيد الحياة. حي ولا أكثر، وبالتالي فهو خداع للوجود. أما الفلاسفة الذين وضعوا نظريات للإجابة على السؤال الفلسفي “ما هي السعادة” فقد كانت إجاباتهم مختلفة ومتنوعة، وهنا سنتناول بعض الإجابات التي قد تكون بالنسبة للإنسان هي الإجابة التي تشغله.
في الفلسفة القديمة (الفلسفة اليونانية ما قبل أفلاطون)، من أشهر النظريات المعنية بالإجابة تلك التي طرحها أبيقور، الفيلسوف الرواقي اليوناني. قال أبيقور إن السعادة هي الاعتدال والصحة الدائمة. وقد ميز أبيقور بين السعادة اللحظية والسعادة الدائمة وقارن بينهما فوجد أنه يعتقد أن السعادة الحقيقية دائمة. ورأى أن الطريق الأضمن للإنسان لتحقيق هذه السعادة هو طريق الاعتدال والميل إلى الزهد. فمثلاً، يشعر الإنسان بالسعادة عندما يشرب الخمر أحياناً، ولكن الضرر يصيبه إذا شرب الخمر. لقد اعتاد تناولها على المدى الطويل، ولذلك فإن هذه السعادة عند أبيقور هي سعادة خادعة وتتحول مع الوقت إلى شقاء. كان أبيقور فيلسوفاً أحب الجمال ورأى فيه سحراً. ويمكن تصنيفه كأحد فلاسفة الجمال، لكنه أول من أرسى مبدأ أن السعادة هي ما ينفع الإنسان. وعليه، فقد بنيت فلسفة النفعية على أسس أبيقوري، والتي تطورت فيما بعد لتبتعد تماما عن المبدأ الجمالي للحياة وتركز على المنفعة. المادية الصرفة.
وفي فلسفة عصر التنوير، فإن أشهر الفلاسفة الذين بحثوا في موضوع السعادة بالتفصيل هو الفيلسوف “إيمانويل كانط” الذي يعد من أهم الفلاسفة على الإطلاق في تاريخ الفلسفة بأكمله. لقد بنى هذا الفيلسوف العبقري أبعادًا أخرى للفلسفة غيرت وجهها تمامًا، ويكاد يكون صاحب الخطوة المهمة في تغيير تاريخ الفلسفة هذا. والفيلسوف هو صاحب نظرية الواجب، وهي نظرية فلسفية عميقة. وفي جانب السعادة رأى كانط أن الإنسان يحققها إذا قام بواجبه الإنساني، كما يراه، بحرية من خلال التزامه بمبدأه والعيش وفقه. ولذلك يمكن للإنسان الحر والمسؤول أن يشعر بالسعادة لأنه قادر على أن يعيش الحياة وفقا لحريته.
السعادة الحقيقية
إنه مزيج من مدى رضاك عن حياتك (إيجاد هدف وسبب لعملك، على سبيل المثال) ومدى شعورك بالرضا على أساس يومي. كلا الأمرين ثابتان نسبياً، ويلعب العامل الوراثي دوراً مهماً في مدى سعادة الفرد. والخبر السار هو أنه يمكنك التغلب على العامل الوراثي بالعمل المستمر. انظر إلى الأمر كما تنظر إلى وزنك. إذا كنت لا تتبع نظامًا غذائيًا ولا تمارس النشاط البدني، فسيزيد وزنك. إذا اتبعت نظامًا غذائيًا وتناولت طعامًا أقل مما اعتدت عليه ومارست الرياضة بانتظام، فسوف يزيد وزنك. وسوف تنخفض حتى لو كنت تعاني من السمنة وراثيا، وإذا حافظت على هذه العادات ومارستها يوميا، فسوف تحافظ على وزنك في المستوى المثالي. الأمر نفسه ينطبق على السعادة. يجب عليك الحفاظ على العادات التي تجعلك سعيدًا بشكل يومي.
بمعنى آخر، لديك القدرة على التحكم في انفعالاتك، وبالعمل المستمر والمنتظم يمكنك تكوين عادات تحافظ على مستوى السعادة وتجعل لحياتك معنى.
طرق وخطوات لتحقيق السعادة الحقيقية
-الإيمان العميق بالله عز وجل وحده، وأن كل شيء في هذه الحياة بيده، وليس بيد أي مخلوق في الكون كله، والإيمان الكامل بقدرته على كل شيء، والتقرب إليه بالخير. والعمل والطاعات، وكثرة ذكره؛ لأن ذكر الله يسعد القلب، ويريح القلب، ويطرد الهم والغم.
– تقديم يد العون والمساعدة للآخرين، للتخفيف والتقليل من آلامهم وهمومهم، مما يشعر الإنسان بسعادة غامرة.
– السعي لطلب العلم وفهم الكون وممارسة العلوم النافعة والمفيدة؛ لأن المعرفة تنير البصيرة، وتبعد القلب عن القلق والتفكير في المشاكل، وتلهيه بمعرفة ما هو مفيد، وتساعد في تقدم البشرية وسعادتها.
– عدم التفكير في الماضي ومتاعبه وذكرياته مهما كانت، والتفكير في معرفة ما سيأتي، والتفرغ للعمل على إصلاح اليوم، والاستفادة الكاملة من الحاضر، والعيش لحظة بلحظة.
– عدم مقارنة نفسه بغيره، ومن هو أعلى منه منزلة وأغنى وأفضل وأفضل حالاً. ومن يكثر مراقبة الناس، تكثر لديه الهموم والهموم، ويفتقر إلى الشعور بالرضا والراحة. من يريد السعادة عليه أن ينشغل بنفسه وحياته فقط.
– التفكير في الحلول المناسبة والمنطقية والواقعية للمشاكل والنواقص اليومية، والسعي الدؤوب لتحقيق الأهداف، والبحث عما يسعد النفس، والابتعاد عما يسبب الضيق والحزن والمشاجرات مع الآخرين.
– شحن القلب بالطاقة الإيجابية والتفاؤل، وحب الحياة، والجلوس مع المتفائلين المحبين للمرح، وعدم الاستسلام للوهم والخيال والأفكار المظلمة، والاقتناع التام بأن “ما أصابنا لم يكن خطأنا، وما أخطأنا لم يكن من الممكن أن يصيبنا.”
– الثقة الكاملة بالله مع ضرورة الأخذ بالأسباب، وحسن الظن بالله وبالآخرين، والثقة بالنفس، وإقناع النفس بقدرتها على أداء المهام.
– الحفاظ على نمط حياة صحي ونظام غذائي متوازن وجسم رياضي ورشيق. لأن السعادة لا تكتمل بجسد مريض مليء بالأمراض، والمحافظة على لباس أنيق ونظيف لتكون لديك شخصية جذابة يحبها الآخرون؛ محبة الناس مكسب، وأحد أسباب السعادة.
السعادة الحقيقية هي فن يجب إتقانه
لا تقلق بشأن ما يعتقده الآخرون عنك
الحياة أكثر تعقيدًا وإزعاجًا مما نتخيل، وبغض النظر عن كيفية تحقيقنا لمراحل مهمة في حياتنا، فإن الرضا والرضا غالبًا ما يأتيان متأخرين جدًا. ولكن، ماذا سيحدث إذا أولينا المزيد من الاهتمام لتشكيل بنيتنا الداخلية، أي بنية عقولنا؟
تعتمد جودة حياتنا بشكل أساسي على معتقداتنا وأفكارنا، فهي في الواقع تكتب نصوص حياتنا. إذن ماذا تقول لنا؟ هل أفكارك حليفتك، أم أنها تحد من قدراتك أو ما هو أسوأ من ذلك، تعمل على التقليل من شأنك؟ ما الذي تؤمن به عن نفسك مقارنة بالآخرين؟ هل تقلق كثيرًا بشأن ما يعتقده الآخرون عنك؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن احترامك لذاتك ليس كما ينبغي، وهذا سيمنعك من الشعور بالسعادة الحقيقية.
ماذا تقول لك أفكارك؟
هل تقلق بشأن ارتكاب الأخطاء؟ سيمنعك هذا الخوف من تجربة اهتزازات الحياة حقًا. كيف تنظر إلى نفسك ضمن علاقاتك الوثيقة جدًا؟ هل تشعر بالراحة لكونك ضعيفًا وتكشف عن نفسك الحقيقية؟ هل تعتبر نفسك شخصًا يرضي الناس أم أنك أكثر عرضة للتصرف بغضب؟
غالبًا ما تكون المواقف والصراعات الدرامية التي نواجهها انعكاسًا لعلاقتنا بأنفسنا. الشعور بالتعثر أمر شائع، لكن ليس من الصواب أن تظل عالقًا. فإذا تعلمنا تنمية تفكيرنا والتخلص من الأفكار السامة الموجودة في أذهاننا والتي تحد من تفكيرنا والمشاعر التي تصاحبه، سنكون أكثر وعياً ويقظاً. هذا المستوى المستنير من الوعي سيمكننا من الاستمتاع بحياة جيدة بينما يوجه هيكلنا الداخلي رحلتنا عبر الحياة.
تجربتك الداخلية هي العدسة التي ترى من خلالها حياتك وبالتالي تختبرها. يجب أن تركز أكثر على عملياتك الداخلية وسوف يعتني عالمك الخارجي بنفسه تلقائيًا.