مراحل تطور علم النفس . وفي مقالتنا الشيقة سنعرض مراحل تطور علم النفس، كل ذلك في السطور التالية.
علم النفس
يهتم علم النفس بدراسة سلوك الكائنات الحية بشكل عام، وسلوك الإنسان بشكل خاص، ويمكن تعريفه بأنه العلم الذي يهتم بدراسة سلوك الإنسان والعمليات العقلية للفرد. من تذكر وتفكير وإدراك وغيرها. يهدف علم النفس في صورته العامة إلى فهم السلوك ومحاولة تفسيره، وتحديد دوافعه والعوامل التي تؤدي إلى ظهوره. كما يسعى إلى التنبؤ به ومعرفة آثاره من خلال فهمه لطبيعة هذا السلوك، فيصبح من الممكن التنبؤ بزمن حدوثه وشدته. بالإضافة إلى الدور المهم الذي يقدمه علم النفس في التحكم في المثيرات المتغيرة، وبهذه الطريقة يمكن التحكم في السلوك والتحكم فيه من خلال التحكم في وقت حدوثه ومقدار حدته.
مراحل تطور علم النفس
علم النفس في القرنين السابع عشر والثامن عشر
عرفت هذه المرحلة بالفلسفة، إذ كان علم النفس هو علم النفس أو الروح، وكان اهتمام الفلاسفة يرتكز على دراسة العلاقة بين الحس والروح، حيث تؤكد الثنائية الفلسفية وجود روح مستقلة عن الجسد، العلاقات الموجودة بينهم هي علاقات بين جزأين مختلفين تمامًا عن بعضهما البعض.
وقد مثل هذه الثنائية ديكارت في القرن السابع عشر، وكثير من الفلاسفة في القرن الثامن عشر، وتعتمد هذه المرحلة على اتباع المنهج الاستبطاني في الدراسة، الذي يقوم على التأمل في الوعي بذاته.
علم النفس في القرن التاسع عشر
وتتمثل هذه المرحلة في محاولة التحول إلى العلم التجريبي، وإحلال الوعي أو الشعور مكان الروح. كما تميزت هذه المرحلة باهتمام بعض علماء الفيزياء والطب وعلماء وظائف الأعضاء. كما خصصت بعض مقاعد الجامعة لتدريسها، وإنشاء مختبراتها الخاصة. وهناك محاولات عديدة من قبل بعض العلماء لاستخدامه. المنهج التجريبي في دراسة الموضوعات النفسية.
وكثيراً ما انتهت هذه المحاولات إلى اعتماد أسلوب الاستبطان، والسبب في ذلك هو أن موضوع علم النفس فرض طبيعته على ذلك. وأخيرًا، كانت هناك بعض محاولات الاستبطان التجريبي أيضًا، حيث يقوم الشخص بحل مشكلة معينة بطريقة تجريبية، وفي الوقت نفسه يصف المواقف التي تمر عبر وعيه.
علم النفس في النصف الأول من القرن العشرين
وفي هذه المرحلة تم اعتماد علم النفس كدراسة علمية للسلوك، مما جعله يتميز بتأسيس واتسون للمدرسة السلوكية، والذي جاء ليؤكد أنه من المستحيل تأسيس علم النفس علميا على أساس دراسة معطيات الوعي، وأن السلوك هو الأساس الموضوعي لعلم النفس العلمي، لأن السلوك وحده هو ما… ويمكن أن يخضع للملاحظة الموضوعية، وليس للوعي.
رفض واتسون المنهج الاستنباطي بحجة أن هذا المنهج ليس له أي قيمة في دراسة سلوك الحيوان، وهذا ما جعل المدرسة السلوكية تدعو إلى إعادة النظر في علم النفس ككل، وأنه كان من الضروري الاعتماد على عناصر موضوعية يمكن لاحظ.
علم النفس في المرحلة المعاصرة
وقد تقرر في هذه المدرسة أن علم النفس هو العلم الذي يدرس سلوك الكائنات، بما في ذلك الأفعال الحركية واللفظية على وجه الخصوص. ومن الممكن أن تهدف هذه الأفعال إلى أنشطة منظمة موجهة نحو هدف محدد أو أنشطة مقصودة أو هادفة، ويتم التعبير عن عنصر النية في السلوك من خلال التوجيه والتنظيم. .
ووفقاً لتفسير كمال بكداش ورالف رزق الله، فإن تفسير السلوك يقوم على نوعين متفاعلين من المتغيرات. الأول يتعلق بالجنس والعمر والخبرة والدوافع والصراع الذي قد ينشأ بينهما، والنوع الثاني يتعلق بمكانة الكائن. مثل: الوضع التجريبي في المختبر، والوضع الاقتصادي، والوضع العائلي، والوضع المدرسي. وهكذا يطمح الأخصائي النفسي إلى دراسة تأثير أحد نوعي المتغيرات أو كليهما من خلال الملاحظة أو التجريب أو مقابلة الموضوع الذي يدرسه بشكل مباشر.
أما مصطفى غالب فيرى أن علم النفس في العصر الحديث يتميز بدراسة حالات الإنسان النفسية دراسة كاملة وشاملة، بدلا من اهتمامه بالأمور الجزئية سواء العقلية أو النفسية، وبالتالي فإن علم النفس علم شامل الماضي الإنساني والتاريخي والسلوك المستقبلي الواقعي.
مراحل تطور علم النفس
وكان علم النفس موجودا في ظل وجود العلوم الفلسفية. كما سعى الفلاسفة القدماء إلى فهم النفس البشرية ومكوناتها، بدأت المحاولات في تفسير الأنشطة والتغيرات الفسيولوجية التي تحدث وتظهر لدى الفرد، بالإضافة إلى السعي إلى فهم الانفعالات السلوكية والنفسية المختلفة، مثل: الحزن، الغضب، الفرح، وغيرها. لقد كان الإنسان البدائي على يقين من وجود قوة خفية غير مرئية تحرك الإنسان وتدفعه، وتوجهه بدورها إلى الخير أو الشر. ولذلك بدأ علم النفس كفرع من العلوم الفلسفية حتى أصبح مستقلاً في وقت لاحق ليصبح علماً مستقلاً، ويظهر من جميع الدراسات التاريخية لعلم النفس أنه مر بمراحل وعصور عديدة، بدءاً من عصر ما قبل المسيحية مروراً بالعصور الإسلامية وعصر النهضة الأوروبية حتى العصر الحاضر، وكانت على النحو التالي: ما يلي:
فلسفة ما قبل المسيحية
لقد تعامل الفلاسفة القدماء مع النفس والروح على النحو التالي:
-فيثاغورس: كان لفيثاغورس آراء ومعتقدات كثيرة فيما يتعلق بالنفس والروح. كان يؤمن بمبدأ انتقال الأرواح، أو انتقال الروح البشرية من إنسان إلى آخر عند وفاته.
-سقراط: رأى سقراط أن الروح الإنسانية والنفس الرصينة الناطقة هي جزء من الروح الإلهية، أما الجسد فيتكون من عناصر العالم المادي الملموس وهي الماء والنار والأرض والهواء. وبما أنه اعتبر الروح جزءاً من الروح الإلهية، فقد رأى أنها تقع في موقع السيطرة دائماً على الجسد أو الجزء المادي، ويمكنها ممارسة قوتها من خلال التحكم في الغرائز والتحكم في الرغبات.
أرسطو: ميز أرسطو بين الجمادات والإنسان، فقال إن الروح أو النفس الإنسانية هي مجموعة من الوظائف الحيوية لجسم الإنسان، وبدون هذه الوظائف يكون الجسد جثة هامدة. ورأى أن العواطف السلوكية والحالات النفسية هي مجموعة من الوظائف والعمليات الجسدية.
-أفلاطون: رأى أفلاطون أن أفكار نفس الإنسان وروحه لها أثر كبير وواضح في تشكيل استجاباته وسلوكه. ومع ذلك، فهو يعتقد أن هذه الأفكار مستقلة عن الجسد المادي للشخص. تتركه عندما يموت.
عصر الفلسفة الإسلامية
ظهرت الدراسات الفلسفية الإسلامية على يد علماء ومفكرين مسلمين كان لهم فضل كبير وتأثير واضح على الدراسات الغربية في عصر النهضة الأوروبية. ألف العديد من المفكرين والفلاسفة المسلمين العديد من الكتب والمصنفات في مختلف مجالات المعرفة بشكل عام، وعلم النفس بشكل خاص. ومن أبرز هؤلاء العلماء ما يلي:
-ابن سينا: اهتم ابن سينا بمراحل الإدراك العقلي ومستوياته وآلية نقل الصور والخبرات الخارجية إلى عقل الفرد وعقله. كما تطرق في دراساته إلى موضوعات الاستجابات السلوكية العاطفية للإنسان، مثل: الضحك، والبكاء، وغيرها. كما أشار إلى العلاقة الوثيقة بين الأمراض الجسدية والحالات النفسية، وهو ما يسمى حاليا بالطب النفسي الجسدي.
-أبو نصر الفارابي: كان أبو نصر الفارابي مهتماً بعلم النفس الاجتماعي. وذكر السمات والأنواع الشخصية التي يجب أن يمتلكها القائد، والأسس النفسية لتماسك الجماعة والبنية الاجتماعية التي تعتبر جوهر دراسات علم النفس الاجتماعي.
-أبو حامد الغزالي: اهتم الغزالي بالعديد من المواضيع في علم النفس، كالانفعالات النفسية والسلوكية، مثل: الغضب، والخوف، وغيرها من الانفعالات، ومدى تأثيرها في سلوك الفرد. كما ذكر علاقة الحالة العاطفية أو العاطفية للحب والكراهية بالسلوك، بالإضافة إلى دراسة الدوافع بأنواعها المكتسبة. ، الابتدائي، والثانوي.
النهضة الأوروبية
مع انتقال العلوم الإنسانية ومؤلفاتها إلى أوروبا وتبلور الحضارة والنهضة الأوروبية، ظهرت العديد من الأبحاث والدراسات في مختلف المعارف، والعلوم المجتمعية والطبيعية بشكل عام، وعلم النفس بشكل خاص. ومن أبرز العلماء الذين اهتموا كثيراً بعلم النفس العالم والفيلسوف الفرنسي ديكارت، الذي اعتمد عليه في بدايات دراسته. في تفسير الظواهر السلوكية على مبدأ الانعكاس؛ وهي الاستجابات العضوية اللاإرادية التي تهدف إلى الوصول إلى حالة التكيف مع المحفزات البيئية الخارجية. ولكن تبين له فيما بعد أن هذا المبدأ لا يكفي لتفسير الظواهر النفسية والعمليات العقلية المعقدة، مثل: التفكير والتذكر والإرادة والعواطف، فأضاف إلى منهجه مبدأ النشاط الروحي. وجميع الأفعال والاستجابات الحسية والحركية التي تصدر عنه.
استقلال علم النفس في العصر الحديث
واستمرت الدراسات النفسية واستمرت حتى العصر الحديث. ظهرت علامات استقلال علم النفس عن العلوم الفلسفية بشكل عام، إلا أن مؤرخي علم النفس أجمعوا على أن استقلاله وخروجه إلى العالم بشكله النهائي حدث في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على يد العالم الألماني فونت. . أنشأ أول جهاز علمي لخدمة البحث النفسي التجريبي، واستمرت أبحاثه ومساعيه بعد ثمانية عشر عاماً حتى تمكن من إنشاء أول معمل تجريبي للدراسات والأبحاث النفسية. وقد تم تجهيزه بالمعدات اللازمة من الأجهزة والأدوات اللازمة لعمليات البحث النفسي. دراسة الظواهر النفسية وغيرها.