تعريف مفهوم الأمثال

التعريف بمفهوم الأمثال، وما هو معناها الحقيقي، وما هي أنواعها، كل ذلك في هذا المقال وفي هذه السطور التالية.

تعريف الأمثال

المثل هو جملة مختصرة ومفيدة تنتقل شفويا من جيل إلى جيل. وهي جملة مبنية بشكل جيد مع تعبير بليغ، وتستخدم عادة من قبل مختلف الطبقات. إذ يلخص المثل قصة مشاكل سابقة وتجربة سابقة مرت بها المجموعة، فقد نال ثقة كاملة بين الناس، وصدقوه لأنه يسترشد في حل مشكلة قائمة بالخبرة المكتسبة من مشكلة قديمة انتهت إلى أن تكون مشكلة قديمة. درس لا ينسى. وقد قيل هذا الدرس بجملة مختصرة قد تحل محل الحاجة إلى رواية ما حدث.
والمثل في كلام الفارابي: هو ما رضي به العام والخاص لفظه ومعناه حتى قبلوه فيما بينهم واكتفوا به في السراء والضراء، وبلغوا به المطالب البعيدة. . وهو أبلغ الحكمة لأن الناس لا يتفقون على شيء ناقص، ولذلك فإن المثل قيمة أخلاقية تقرر أن يقبلها أهلها. فهو قبل اعتماده وانتشاره يمر عبر غربال معايير هذا الشعب، ويعكس هذه المعايير صراحة أو ضمنا على كل مستوى وفي كل موقف يمر به الإنسان في حياته.
ويقول علماء المثل إنه ليس مجرد شكل من أشكال الفن الشعبي. بل هو فعل لفظي يحفز قوة على الفعل. ويرى صاحب المثل أن له أعظم الأثر في مجرى الأمور وفي سلوك الناس. المعنى والهدف موجود في كل أمثال العالم، وهي وإن اختلفت في بنية جملها أو صلاحها أو معنى حكمتها أو سخريتها، كتاب ضخم يتصفح فيه القارئ أخلاق الأمة والعبقرية والذكاء والروح.
ويجب أن نلاحظ أن كثيراً من الأمثال لا تتفق، بل تتعارض، إذا وضعت جنباً إلى جنب، مثل قولهم: “الجار للجار وإن كان جاراً”، وقولهم: “يا بني”. يا جار أنت على حالك وأنا على حالي». الأول يدعو إلى التضامن مع الجار في كل حال، والثاني يدعو إلى الإعراض عنه. ولو قلنا أن المثل هو خلاصة فكر الناس وخزانة حكمتهم، لصح أن نقول إن هذا الفكر متناقض لأنه يجمع بين هذين المنهجين. إلا أن التناقض هنا ليس إلا مظهرا لجواز الاختصار. وإذا تم شرح المثل الأول بالتفصيل، فإن الجار ملزم بمساعدة جاره في مصيبته أو حاجته وسرعة مواساته، حتى لو كان الجار قد أظهر قبل ذلك سلوكا ظالما. وأما المثل الثاني، فإذا فصّل لقيل: دع جارك، واعمل في شأنك، ولا تتدخل فيما لا يعنيك. والحقيقة أن المثلين لا يتعارضان، لأن مواساة جارك والإسراع لمساعدته هو أمر يعنيك، ولا يزعج جارك، بل يسعده، ولكن واجب الجار تجاه جاره ليس له يد مطلقة في كل شؤون هذا الجار…
وهكذا نرى أن للأمثال دوراً كبيراً في الحفاظ على تراث الأمم

أنواع الأمثال

المثل المختصر الشائع: إما أن يكون مثلاً شعبياً لا تتعلم فيه ولا تهتم ولا تلتزم بقواعد النحو، أو يكون مكتوباً، يصدره أصحاب الثقافة العالمية، كالشعراء والخطباء، كما يقولون، كمن يستعيذ من الرماد بالنار.
المثل المعياري: هو رواية وصفية أو قصصية أو صورة بيانية لتوضيح فكرة من خلال التشبيه والتمثيل. ويسميه البلاغيون التمثيل المعقد أو اعتبار أحدهما كالآخر بغرض التهذيب والتهذيب أو التوضيح والتصوير. يعتبر هذا النوع زائدا عن الحاجة مقارنة بسابقه ويجمع بين عمق الفكرة وجمال التصوير.
الحكاية الخيالية: هي قصة ذات معنى يرويها شخص غير إنساني بغرض التعليم أو الفكاهة ونحو ذلك، مثل أن يقول: “أكلت يوم أكل الثور الأبيض”.

أنواع الأمثال في القرآن:

هناك ثلاثة أنواع من الأمثال في القرآن:
1- الأمثال الصريحة.
2- والأمثال الخفية.
3- والأمثال المرسلة.
النوع الأول: الأمثال الصريحة: وهي التي ورد فيها لفظ المثل، أو ما دل على التشبيه. وهي كثيرة في القرآن، منها ما يلي:
أ- قوله تعالى في حق المنافقين: “مثلهم كالذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون”. صم بكم وعميان فلا يرجعون، أو كالمطر من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق.
في هذه الآيات ضرب الله للمنافقين مثالين: مثل ناري في قوله: {مثلهم كالذي استوقد نارا} لأن النار فيها مادة النور، ومثال مائي في قوله: {أو كقطر المطر}. من السماء }… لأن الماء فيه مادة الحياة، والوحي النازل من السماء يتضمن تنوير القلوب وحياتها. وذكر الله حظ المنافقين في الحالتين. وهم بمنزلة من أوقد ناراً للإضاءة والنفع، إذ استفاد مادياً بدخوله في الإسلام، ولكن لم يكن لها تأثير خفيف على قلوبهم، فذهب الله عنها النور في النار: {الله فذهب بنورهم } وترك ما فيها من نار، وهذا مثلهم الناري.
وذكر مثلهم في الماء، وشبههم بحال من أصابه مطر فيه ظلمة ورعد وبرق. وتضعف قوته فيضع أصابعه في أذنيه ويغمض عينيه خوفا من أن يضربه البرق. لأن القرآن بأمره ونهيه وكلامه نزل عليهم كالصاعقة.
ب- وقد ذكر الله المثلين: الماء والنار – في سورة الرعد للحق والباطل. قال الله تعالى: {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدر سعتها. فملأ السيل زبدا ومما أوقدوا عليه. إن في النار لطلب حلية أو ثوبا زبد مثله. وهكذا يضرب الله الحق والباطل. أما الرغوة فتذهب سدى، لكن في المستقبل لا فائدة منها. الناس وسيبقون على الأرض. هكذا يضرب الله الأمثال.
وشبه الوحي الذي أنزله من السماء لحياة القلوب بالماء الذي أنزله لحياة الأرض بالنبات، وشبه القلوب بالأودية، وإذا سيل في الأودية زبد. وحثالة. وكذلك الهدى والعلم إذا انساب إلى القلوب أثار فيهم الشهوات لينزعها، وهذا هو المثل المائي في قوله: {أنزل من السماء ماء} فيضرب الله الحق والباطل.
وذكر المثل الناري في قوله: { ومما يوقدون فيه النار }.. فإذا كانت المعادن ذهبا أو فضة أو نحاسا أو حديدا، فإنها إذا ألقيت أخرجت النار ما فيها من نجاسة وفصلتها. من المادة النافعة فتذهب النجاسة. وكذلك الشهوات تطرح وتجفف بقلب المؤمن، كما يطرد السيل والنار ذلك الزبد وذلك الزغب.
النوع الثاني من الأمثال: الأمثال الخفية – وهي تلك التي لم يرد فيها لفظ التمثيل صراحة، ولكنها تدل على معاني رائعة باختصار. ولهم أثر إذا انتقلوا إلى ما يشبههم، ويمثلون هذا النوع بأمثلة منها:
1- ما معنى قولهم: (خير الأمور أوسطها):
أ- قول الله تعالى في سورة البقرة: {لا يعجز من ذلك كبير ولا بكر}.
ب- قول الله تعالى في الإنفاق: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك استقرار}.
ج- قوله تعالى في الصلاة: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا}.
د- قول الله تعالى في الإنفاق: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط}.
2- ما معنى قولهم: (الخبر ليس الملاحظة):
يقول الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ؟ قال: «نعم ولكن ليطمئن قلبي»).
3- ما معنى قولهم: “كما تدينون تدانون”:
يقول الله تعالى: {من يعمل سوءا يجز به}.
4- ما معنى: «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»:
قال الله تعالى على لسان يعقوب: {قال هل آمنتك عليه كما آمنتك على أخيه من قبل}
النوع الثالث: الأمثال المنقولة في القرآن: وهي الجمل المنقولة بالنقل دون ذكر التشبيه. وهي أبيات تتدفق مثل الأمثال.
ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:
1- {الآن قُضِيَ الْحَقُّ}.
2- {ما من دون الله كاشفاً}.
3- {قد قضي في الأمر الذي استفتيتم فيه}.
4- {أليس الفجر بقريب}.
5- {لكل خبر موثوق}.
6- {وَمَا يَصِفُ الْغَيْرُ السَّيِّئُ إِلَّا مَن فَعَلَهُ}.
7- {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَيْئِهِ}.
8- {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}
9- {كل نفس بما كسبت رهينة}.
10- {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟}.
11- {وكل حزب بما لديهم فرحون}.
12- {ضعف الطالب والملتمس}.
13- {لمثل هذا فليعمل الذين يعملونه}.
14- {لا يستوي الخبيث والطيب}.
15- {كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة بإذن الله}.
16- {تحسبهم جميعا وقلوبهم منقسمة}.
واختلفوا في هذا النوع من الشعر الذي يسمونه نقل المثل. وما حكم استخدامه كأمثال؟
ورأى البعض في ذلك خروجاً عن آداب القرآن، وقال في تفسير قوله تعالى: {لكم دينكم ولي دين}: “وقد كان من عادة الناس أن يقلدوا هذه الآية بين والمهجورة، ولا يجوز ذلك؛ لأن الله تعالى لم ينزل القرآن ليقتدي به، بل ليتدبره ثم يعمل به».
ورأى آخرون أنه لا حرج فيما يبدو من تشبه الرجل بالقرآن في موقف الجد، كأن يندم بشدة على وقوع كارثة انقطعت أسباب نزولها عن الناس. فيقول: «ما من مبديها إلا الله»، أو يحادثه أحد أتباع طائفة فاسدة ويحاول استدراجه إلى باطلها، فيقول: «لك». دينكم ديني } والإثم الكبير أن ينوي الرجل أن يتحلى بالحذق فيقلد القرآن ولو في موضع الهزل والمزاح.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً