تعريف التسامح، ما هو مفهومه الشامل، وكيف نحقق التسامح في المجتمع بالشكل الصحيح، وما هو الأثر الإيجابي على كل فرد.
يعتبر التسامح من المبادئ الإنسانية، وما نعنيه هنا هو مبدأ التسامح الإنساني. إن التسامح في دين الإسلام يعني نسيان الماضي الأليم بكامل إرادتنا. ويعني أيضًا التخلي عن رغبتنا في إيذاء الآخرين لأي سبب قد يكون حدث في الماضي. إنها رغبة قوية في أن نفتح أعيننا لنرى مزايا الناس بدلًا من أن نحكم عليهم أو نحكم عليهم أو ندين أيًا منهم.
الأخلاق والإسلام
جاء الإسلام الصحيح ليكمل مكارم الأخلاق، ويحث الإنسان على التحلي بالصفات الطيبة، والكلمة الطيبة، والمعاملة الطيبة. تظهر الأخلاق على الإنسان عندما يتعامل مع الآخرين على شكل سلوكيات متكررة يستطيع الإنسان أن يبني عليها انطباعه الخاص عن شخصية شخص ما، وغالباً ما يبقى هذا الانطباع لفترة طويلة. ومن الأخلاق التي يجسدها الإنسان الشخصية السليمة التي ترفض الظلم، وتحارب الفساد، وتعيد الحقوق إلى أصحابها. أما خلق التسامح فهو من أهم هذه الأخلاق التي حث عليها الدين الإسلامي.
التسامح في الإسلام
إن السلام والإسلام هما رابطان متزامنان ومترابطان بشكل وثيق لا ينفصلان تقريبًا. أساس الإسلام هو السلام، وخالق الأرض والسماء من أسمائه وصفاته هو السلام، والسلام يتضمن في داخله قيم اللطف والتسامح والمغفرة.
وخلافاً لما يحدث في العالم من أعمال عنف وانتقام ضد المسلمين ووصفهم بأوصاف كاذبة واتهامهم بالإرهاب، ورغم المجازر والتهجير والاعتداءات التي ترتكب بحقهم، فإن المسلمين لا يردون بمثل هذه الأعمال الوحشية الكافرة التي تضطهدهم وتظلمهم. والتي تقلدها بعض الدول.
ولذلك فإن غياب قيم التسامح ينتج وحوشاً ضارية تفسد الأرض، وتزهق الأرواح، وتمتلئ بالحقد والكراهية، وتغرق في ذل العصيان وكراهية الذات، فضلاً عن سوء السمعة وكراهية الإنسانية. من جميع الأجناس، وهو ما يتجنبه الإسلام.
إن الإسلام يشجع ويحث على التسامح والعفو والرحمة والرحمة والتواصل والأمر بالمعروف وإقامة القدوة الحسنة، وهي صفات تكثر في الإنسان المتسامح. وعلى عكس الإنسان الحاقد أو الحاقد الذي يحمل الضغائن والمشاحنات الداخلية والخارجية، فإنه تجتمع فيه مظاهر القسوة والشدة والنفور والعداء والعنف والسلوك اللفظي والجسدي غير الإنساني وغير الأخلاقي.
أدلة التسامح في القرآن الكريم:
(وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟)
“ولا يستوي الخير ولا الشر. “ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم.”
(اقبل العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
ومن السنة النبوية نجد كثيرا من تصرفات النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أعدائه وأسراه ونكث العهود، ومن ذلك التسامح والعفو مع الاعتدال والقدرة والحلم. وهو يصلح أن يتحول إلى دستور وقانون ينظم العلاقات في عصرنا الحالي.
ولعل أشهر ما يعرفه الناس من تسامح النبي صلى الله عليه وسلم عندما فتح مكة، وعفوه عن أهلها رغم ما سبق منهم من أذى له ولإخوانه المؤمنين، عندما قال: اذهبوا أنت حر. فأجابوا بأنه أخ كريم وابن أخ كريم.
وكان هذا هو الحال أيضًا في بداية الدعوة لأهل الطائف، الذين رضخت قدميه وساندوه. فلما شكا إلى ربه، وأرسل إليه ملك الجبال عرضا بستر الجبلين، أي الجبلين، لم يرض رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم ولحقه الأذى والألم، فقال:
((.. لا يا أخي اللهم اهد قومي إنهم لا يعلمون. أرجو أن يخرج الله من ذريتهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا))
وروى الإمام مسلم عن عائشة أم المؤمنين قالت:
((ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئاً قط، لا امرأة ولا خادماً، إلا كان مجاهداً في سبيل الله، فما أصابه شيء قط، ثم قال: ينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيئاً من محرمات الله فإنه ينتقم لله عز وجل))
((من كظم غيظاً وهو قادر على السيطرة عليه ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً))
والتسامح الديني هو أحد القواعد السياسية والاقتصادية التي تنظم التعامل الإسلامي مع أهل الذمة المخالفين لعقيدة التوحيد، المسالمين غير القابلين للعداء، وتدمير النفوس وإهانة الإنسان والدين والله.
التسامح مع المخالفين
قال الله تعالى:
“ود كثير من أهل الكتاب ليردوكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً لأنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق” فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره. إن الله على كل شيء قدير.”
التسامح هو العفو، والعفو اسم من أسماء الله عز وجل، ومن اتصف بالعفو فقد قلد شيئا من صفات الله عز وجل، وكفى بذلك شرفا، وتعرض لمغفرة الله عز وجل ورحمته.
والذي يسامح يستمتع بالسعادة في دنياه على عكس الآخرين. ويدرك قيمتها كنوعية وتأثير ملحوظ أثرها مادياً ومعنوياً على كافة الأصعدة. ولم يثبت أنه حدث أي ضرر من التسامح إلا باستمرار الظالم والفرعون في طغيانه وبهتانه. ثم التسامح ليس مطلوبا ولا مستحبا، خاصة إذا انتهك. الحدود الشرعية الإلهية.
أهمية التسامح للفرد والمجتمع:
يساعد الفرد على التخلص من أخطائه ومشاعر الإحراج والذنب، كما يستطيع أن يسامح نفسه ويصحح الأخطاء التي ارتكبها.
ويزيد من رقي الأشخاص الذين يستجيبون للإساءة بخلق التسامح، فيصبحون مليئين بالخير، ويمتلكون نفسية طبيعية طبيعية، بعيدة عن الحقد والكراهية والأمراض النفسية التي تحملها بعض النفوس.
يساعد التسامح على تقليل المشاكل بين المحبين والأصدقاء، والتي تنتج عن سوء الثقة وعدم التماس الأعذار.
فالإنسان المتسامح ينال أجرًا عظيمًا من الله تعالى، وينال العفو في النهاية.
وتعمل على تحقيق القدرة على التعايش بين الشعوب والأفراد من خلال قبول الاختلاف والحفاظ على حقوق الآخرين، بعيداً عن الصراعات وانتشار الكراهية والكراهية العنصرية.
إن المصالح العامة في المجتمع، والتي تمتد بالتالي إلى الأفراد، يمكن تحقيقها بالطرق القانونية السليمة.
يزيد من أهمية الثقافة والعلم، ويساعد على تفعيل الحوارات البناءة، فيهتم الأفراد بتحقيق أعلى مستويات التعليم والثقافة، من خلال الأساليب السليمة دون انتهاك حقوق الآخرين.
التسامح في السياسة والاقتصاد والثقافة
التسامح صفة إنسانية متوافقة مع الطبيعة، بل هو أصلها، ورغم أن انتشاره فُهم على أنه صفة اجتماعية ودينية وأخلاقية، إلا أنه لا يقتصر على الجماعات البشرية في التعاملات فيما بينها فقط، بل وهذه الخاصية بحد ذاتها تدخل في القوانين والسياسات، بين الحكومة والشعوب، بين الدول وبعضها.
ويدخل في أنظمة القروض والإقراض، والبيع والشراء، والزكاة والصدقات التسامح مع الشروط والتدوين لحفظ حقوق جميع الأطراف، وكذلك التعامل الحكومي في المؤسسات ومع الموظفين، وتعامل المعلمين مع الطلاب، وهكذا على. فإذا ضم الرفق والصفح دون ضرر أو ضرر، سيكون له أثر اقتصادي كبير. يكفي للتعويض عن الخسائر المتتالية التي سببتها الأنظمة العربية الفاسدة.
أما في المنظومات الفكرية الحديثة فقد ساد مفهوم التعصب كنوع من العنف الفكري المتمثل في النزعات المتطرفة والعنصرية والتمييز العرقي، خاصة ما نراه في القضاء على أهل السنة من خلال الحروب في سوريا وإيران ودول الملحدة. الكفار في بورما والشيشان وغيرها.
وفي مقابل هذا المصطلح، ظهر على الساحة مصطلح التسامح الفكري على النقيض من هذه السلوكيات، مع إضافة رفض الاضطهاد واحتكار الرأي والحريات داخل الدولة، إلى جانب التساهل مع الأقليات واحترام شعائرها الدينية. الاجتماعية، وغيرها من الخيارات.